رأي ومقالات

طارق عثمان: (عيش الكِيلَة)


أبوي الخليفة محمد الأمين جدي لأمي كان رجلا بسيطا قليل الكلام، كثير العمل، الزراعة عنده هي المهنة المقدسة، مارسها بكل الوسائل المتاحة في تلك الأزمان، وعندما بدأت الطفرة الزراعية في القضارف خلال أربعينيات القرن الماضي تشارك هو وأخوته (تراكتور فوردسون)، وتوسعت رقعة زراعته التي كانت تعتمد على الوسائل التقليدية (السلوكة)، وظل غنيٌ بزراعته لا يأبه بشئ،، ينتظر (الرشاش) فينظف أرضه ويزرع ويرفع كفه للسماء، يجتهد في رعاية زرعه الى أن يحصد محصوله، يُجنِب بعضه كـ(عيش للكيلة) وهو ما يستهلكه وأسرته في الأكل خلال العام، فالذرة (الفترتيتة) الغذاء الرئيسي، يبيع منه بعد أن يخرج زكاته ويتصدق بـ(الله مارقا)، ويدفن ما تبقى منه في (مطمورته) التي ظل يوم (قلْعها) عيدا للجميع ..

السؤال لماذا نستجدي الخبز من وراء المحيطات ولدينا من الامكانيات ما يجعلنا نستخرج (عيش كيلتنا) من واطاتنا دي ونبيع ونتصدق، وندخر ما تبقى للسنوات العجاف،، ممكن ذلك في حال اتسع أفق تفكير حكامنا وتجاوز ضيق الذاتية والحزبية،،،

وكأني بجدي (الخليفة) يرمقنا من قبره ساخرا على صفوفنا الممتدة بسبب شح الدقيق، ويزجرنا ساخطا على ضعفنا وقلة حيلتنا، وهواننا على الناس، رغم ما نملكه من موارد، فهو عاش ومات ولم يشتري (ملوة عيش) من السوق رغم موارده المحدودة …
قوم يا عاطل شيل طوريتك بطل تنظير بالطريقة دي ما حتلقى بلد تحكمها.

طارق عثمان