عجبني للمارقوت
(1 )
بما أن الحياة في السودان أصبحت دائرية ومن سنين وفي كل شيء وفي حالة قطيعة مع الخط المستقيم كان لابد من ان نرجع لاستخدام العنوان أعلاه لان مناسبته ظلت تكرر من وقت لآخر وقبل المناسبة نوجز قصته لمن فاتهم (الاستماع).
فهو يحكي عن امرأة فقيرة لا تملك من حطام الدنيا إلا قطية وعنقريب يئن بالمارقوت وشوية خلق (ملابس) مهترئة فشبت النار في القطية وأحالتها وبما فيها الى رماد فعلقت قائلة (عجبني للمارقوت) أي عزت نفسها عزاء يصل درجة المكابرة أما المناسبة فهو رجوع الباخرة رقم أربعين من السعودية محملة بثلاثة عشر ألف رأس من الماشية بحجة قلة المناعة وقد سبق للصديق الأستاذ /عبد الحميدعوض في مناسبة إرجاع سابقة ان كتب تحت عنوان (عجبني للضان) على وزن عجبني للمارقوت بحجة ان حصائل الصادر أصلا لا ترجع لخزينة الدولة انما تذهب للجيوب الفاسدة لذلك (بركة الرجعت) وقد عقبت على عبد الحميد مؤيدا وداعما، فكلانا كان وما زال يلتمس العزاء في مبكيات هذا البلد الظالم أهله.
(2 )
مع الإصرار على التماسة العزاء أعلاه الا ان الأمر أصبح مهددا لأمننا الاقتصادي وسمعة بلادنا فمن غير المعقول ان تصل البواخر الراجعة الى أربعين في أسابيع قليلة هذا مضافا الى إرجاع شحنات من الذبيح بحجة سوء التبريد ففي الأرض والبحر نقص في المناعة في الجو نقص في التبريد أها نقبل على وين ؟ الإجراء الذي كان يجب اتخاذه من الجهات المسؤولة هو إيقاف هذه الشغلانة دون اي تردد لأن في ذلك تبديدا لمواردنا وإشانة سمعة قد تؤدي الى خروج السودان من السوق العالمي نهائيا فمئات العشرات من الآلاف من رؤوس الماشية تقطع الآلاف من الكيلومترات برا وبحرا ثم تعود بعد ان تتعرض للنفوق والمزيد من قلة المناعة للسوق المحلي والمسؤولون يتفرجون ؟ هل كان ينقص ماشيتنا التنزه والتجوال ؟ الطرفة القديمة تقول إن بنت المدينة سئلت من هو الراعي فردت بالقول هو (الزول البفسح البقر والغنم) فراعي اليوم المسكين أضحى يتفرج على الفسحة ونصيبه من ماشيته الحصرم.
(3 )
من حق الدولة المستوردة ان تفرض الشروط التي تريد على السلع والمنتجات التي تستوردها وعلى المصدر ان يلبي هذه الشروط او يتركها الى سوق آخر ولكن هذا لم يحدث لأن المصدر عشوائي وقد يكون وراقيا مغامرا ولكن يبقى السؤال اين الدولة ممثلة في وزارة الثروة الحيوانية ؟ وأين المحاجر ؟ وأين اللقاحات (الفاكسينات) ؟ بالمناسبة قيل ان الجهة التي تقوم باستيراد اللقاحات شركة قطاع خاص والوزارة تقوم بدور صاحبة العطاء (مفخرة في كل شيء) أما الترحيل فهو بالمداورة وبلادنا والحمد لله الذي لا يحمد مكروه سواه لا تملك ولا مركب شراعي أما اذا سألت عن المسالخ الثلاثة فاثنان يملكهما أجانب والثالث محتكر لشركة ولا عزاء لمصدري اللحوم السودانيين، شيء ثالث في التدمير المنظم الذي يمارس على الثروة الحيوانية في بلادنا وهو أننا نصدر الأعلاف من برسيم ورودس وأمباز لكن لا تسألوا عن عائد صادرها، أها تاني فضل شنو ؟ والله لم يبق إلا توقفوا الأرض لكي ننزل أو نصم خشمنا ؟ أها …
د. عبداللطيف البوني
السوداني