حيدر المكاشفي

توقف المصفاة يفاقم فاتورة الواردات


من الأنباء المزعجة وغير السارة ان مصفاة الخرطوم على وشك التوقف عن العمل، وبحسب موقع (كوش نيوز) إن خبراء ومراقبين حذروا من تعطل وشيك لمصفاة الخرطوم للبترول الكائنة بضاحية الجيلي شمالي الخرطوم، بعد أن تخطت فترة صيانتها المواقيت المحددة، ونبهوا للتأثيرات السياسية والاقتصادية الخطيرة التي ستنعكس على البلاد حال تعطل المصفاة، وكشف مصدر مطلع بالمصفاة ل(كوش نيوز) أن إدارة المصفاة استعجلت الحكومة للموافقة على ترتيبات موعد الصيانة وتصديق ميزانية الصيانة بصورة عاجلة، وحمل المصدر وزارتي المالية والطاقة مسؤولية تأخير صيانة المصفاة بحجة توفير المبالغ اللازمة للصيانة وتوفير مبالغ كبيرة لضمان استيراد المواد البترولية لتغطية فترة توقف المصفاة للصيانة التي قد تمتد لشهرين، وقال احد الخبراء للموقع إنه يتحتم على وزراة المالية تخصيص اعتمادات كافية لاستيراد الوقود قبل موعد توقف المصفاة لأعمال الصيانة، وأضاف: على وزارة المالية توفير ما لا يقل عن 500 مليون دولار لاستيراد المشتقات البترولية المتنوعة لضمان استمرار الحياة بشكل طبيعي في السودان خلال فترة توقف المصفاة..
هذا الخبر المزعج والذي ينذر بتفاقم أزمة الوقود والغاز على ما هي عليه من أزمة، يعيد للأذهان مشكلة الصيانة الدورية للمصفاة التي ظلت تتكرر كل عام برتابة وتتسبب في أزمات مستفحلة في المشتقات البترولية خلال العهد المخلوع، وفي الذاكرة حدوث ذات المشكلة في أخريات ذاك العهد وعجز الحكومة المخلوعة عن تدبير مبلغ صيانة المصفاة الذي أعلنه النائب الأول للرئيس المخلوع رئيس مجلس الوزراء وقتها بكري حسن صالح، واليوم كأننا يا بدر لا رحنا ولا جينا، اذ هاهي المشكلة تتكرر الخالق الناطق، والمؤسف انه رغم ان مواعيد الصيانة الدورية للمصفاة معلومة سلفاً، ورغم الاهمية المعلومة لمساهمة المصفاة فى الانتاج المحلي من المشتقات البترولية، الا ان صيانة المصفاة ظلت تواجه هذه المشكلة المتكررة كل عام، مع ان المشكلة ليست في عملية الصيانة نفسها، فالصيانة عملية لازمة وضرورية، وإنما المشكلة في الذي سيترتب عليها، وهذا الذي يترتب عليها صار معلوماً للناس بالخبرة وتكرار التجربة، ففي كل مرة عندما يعلن أن المصفاة قد دخلت في دوامة دورة نظافتها الدورية، تدخل معها البلاد في شح مؤثر في الغاز والمشتقات البترولية، فترتفع أسعارها، ويضرب الناس في الأرض بحثاً عنها، وغالباً ما يعودون بخفي حنين، وهكذا في كل عام عندما يحين أجل نظافة وصيانة المصفاة (هذا اذا توفر حق الصيانة والنظافة)، دعك من ان تفشل الحكومة في توفير المبلغ المطلوب، عندها ستكون المشكلة مركبة ويتعقد الوضع أكثر، وهذا ما نخشى حدوثه هذه المرة أيضاً، وما لم يتدارك المعنيون في الحكومة ونعني تحديداً وزارتي المالية والطاقة هذه المشكلة الوشيكة لملافاتها بتدابير إدارية ولوجستية عاجلة، فإننا بلا شك موعودون بأزمة خانقة قادمة في المشتقات البترولية، لأن الحكومة ستضطر مجبرة في هذه الحالة لاستيراد كامل احتياجات البلاد من المشتقات البترولية بعد فقدانها للمنتج المحلي، الأمر الذي سيتسبب مجدداً في تطاول الصفوف في محطات الوقود ومحلات بيع الغاز بأكثر مما هي عليه الآن..

حيدر المكاشفي – صحيفة الجريدة