الطاهر ساتي يكتب: (ح يمشطوها)
:: عُطلة المدارس التي تشهدها البلاد حالياً، وفترتها لم تعد تنقص عن العام قليلاً، هي الأطول خلال العقود الثلاثة الأخيرة.. وبعد اعتماد التوقيت الجديد، والذي تسبب في زيادة أشهر العُطلة، تم تأجيل بداية العام الدراسي من 27 سبتمبر إلى 22 نوفمبر، ليس بسبب “كورونا”، ولكن (فتح المدارس والجامعات في ظل الوضع الاقتصادي وعدم توفر المواصلات سيقود إلى مظاهرات)، أو كما قال الدكتور عمر القراي، مدير المناهج..!!
:: وعليه، بهذا التأجيل، فقد العام الدراسي شهراً كاملاً من التقويم الدراسي.. وكما تعلمون، فمنذ أكثر من خمس سنوات، وحتى هذا العام، فإن التقويم الدراسي في بلادنا كما مركبات النقل العام (وقوف متكرر)، تارة بفعل الخريف وتارة أخرى بأفعال السياسة، ولذلك العام الدراسي في بلادنا – كما جُبة الدرويش – يضج بالثقوب والترقيع.. ولم يحدث أن طلابنا أكملوا عاماً دراسياً بلا تعطيل، بل أصبح مُدهشاً أن تتواصل الدراسة ثلاثة أشهر بلا تعطيل..!!
:: المهم.. رغم إهدار شهر من العام الدراسي بسبب الوضع الاقتصادي وخوف القراي من المظاهرات، لا تزال وزارة التربية والتعليم تفكر في المزيد من الإهدار.. إذ يقول الخبر، تَعتزم وزارة التربية والتعليم، خَفض أيام الدراسة الأسبوعية، وذلك لتأمين العام الدراسي، هكذا الحدث المرتقب.. ويشرح مدير مكتب الوزير عمر بابكر هذا التخفيض قائلاً بالنص: (تمّ الدفع بخطة تتضمّن احترازات صحية للوقاية من كورونا، تشمل تقسيم أيام الدراسة الأسبوعية بين الفصول)..!!
:: فالشاهد أن أيام الأسبوع الدراسي (5 أيام)، وتخفيضها – بقسمتها بين الفصول – يعني أن أيام الأسبوع الدراسي للطالب تتراوح ما بين (2 – 3 أيام)، أي لن يدرس الطالب في الشهر أكثر من (12 يوماً)، فلكم أن تتخيلوا مدى تقزم حجم التحصيل الأكاديمي لهذا الطالب؟.. إهدار يوم واحد، ناهيكم عن كل هذه الأيام، يؤثر على تحصيل الطالب.. نعم، هناك علاقة بين أيام العام الدراسي وحجم التحصيل الأكاديمي، ولم يحدد علماء التعليم عدد أيام العام الدراسي – وعدد الحصص – بالمزاج، أو كما يفعل الذين يسعون إلى تخفيض أيام الدراسة الأسبوعية..!!
:: وقبل تعديل التوقيت، لتخطي أشهر الخريف، فإن متوسط أيام الدراسة بكل ولايات السودان كان (169 يوماً).. وهذا المتوسط، قياساً بمنهج اليونسكو، والذي يُلزم بألا يقل متوسط أيام الدراسة في أي بلد عن (159 يوماً)، كان مناسباً ومعقولاً ومقبولاً للطلاب وأسرهم.. ولكن ما ليس مناسباً ولا معقولاً ولا مقبولاً – للطلاب وأسرهم – هو أن يُفكر بعض السادة بوزارة التربية والتعليم في تقزيم العام الدراسي إلى ما دون هذا المتوسط المطلوب، حسب معايير اليونسكو..!!
:: وعليه، على وزارة التربية البحث عن وسائل وقاية أخرى، غير تخفيض أيام الدراسة الأسبوعية.. هذا التخفيض يؤثر سلباً في التحصيل الأكاديمي.. عفواً.. ربما لا توجد – في بلادنا فقط – علاقة بين أيام العام الدراسي وحجم التحصيل الأكاديمي، ولذلك لا تبالي سلطات التعليم بكثرة العطلات، وإهدار الأشهر خوفاً من المظاهرات ولعدم توفر الوقود والرغيف.. و.. (ح يمشطوها بي قملها)، أي ليس مهماً عدد أيام العام الدراسي، ولا حجم التحصيل الأكاديمي، فالمهم هو أن ينتهي العام الدراسي و(خلاص)..!!
الطاهر ساتي – صحيفة الصيحة