ما أحوج السفير البريطاني للبركاوي؟!
لم ادهش للخبر الذي اوردته صحيفة (السوداني) على لسان مصدر بالمجلس السيادي يقول فيه إنهم طلبوا من رئيس الوزراء حمدوك ثلاث مرات طرد السفير البريطاني عرفان صديق نظراً لتدخلاته السافرة في الشأن السوداني، لكن حمدوك لم يفعل!
ساجيب في ثنايا هذا المقال عن السؤال لماذا لم يقم حمدوك بتنفيذ طلب المجلس السيادي، ولكن قبل ذلك اود ان اسأل الرئيس الفريق اول البرهان وكل المجلس السيادي :لماذا لم تدرجوا ذلك الامر الخطير المتعلق بالسيادة الوطنية في اجندة اي من الاجتماعات المشتركة للمجلسين السيادي والوزاري , حتى تتخذوا قراراً ملزماً لوزير الخارجية، ثم الا يعلم البرهان ان السياسة الخارجية ليست مسؤولية رئيس الوزراء ووزير الخارجية لوحدهما وانما هي ايضاً مسؤولية سيادية؟!
لذلك فانه ليس مقبولاً البتة عدم قيام حمدوك بانفاذ توجيهات السيادي المتكررة، سيما وان المجلس يعلم ان حمدوك (لا يهش ولا ينش) خاصة مع السفير الاستعماري (المالي ايدو) من حمدوك، بل وصاحب السطوة والسلطة النافذة ، كما بات رعاة الضأن في البوادي يعلمون بعد فشله الذريع في القيام بكل ما عهد اليه من مهام، مما احال حياة شعبنا الصابر الى جحيم لا يطاق.
حق للكاتب الصحفي المبدع المقيم في استراليا محمد عثمان ابراهيم والذي نال عدداً من الجوائز الصحفية الرفيعة، حق له ان يزأر مغاضباً حول قلة ادب السفير الاستعماري عرفان صديق الذي نصب نفسه حاكماً عاماً على السودان. يأمر وينهي بأشد مما كان يفعل الحاكم العام البريطاني كتشنر او ونجت او الكسندر هيلم – آخر حاكم عام على السودان!
فقد خاطب محمد عثمان واخرون ذلك السفير الحشري واغلظوا له القول، فكان مما قال محمد عثمان ابراهيم تعقيباً على تغريدة لذلك السفير حول البطء في تشكيل المجلس التشريعي قال فيها السفير بمنتهى الصفاقة : (إن الفشل في تكوين المجلس التشريعي يعتبر من اكبر نقاط الضعف في اداء الفترة الانتقالية، وبما ان اتفاقية جوبا وقعت فان المجلس التشريعي يجب ان يشكل باسرع ما يمكن)
As soon as possible
فكان مما قاله الاستاذ محمد عثمان في غضبته المضرية مخاطباً ذلك السفير ما يلي :
This is shocking، outageous، extreme and very contemptuous to the Sudanese people
والتي تعني إن حديثك هذا :(صادم وشائن ومتطرف ومسيء) ثم مضى الى القول في رده على السفير.. (نحن نعلم انك لا تحترم رئيس الوزراء حمدوك والدمى الاخرى ولكن تذكر ان تبدي قدراً يسيراً من المجاملة لشعب السودان، فانت تمثل الملكة وشعب المملكة المتحدة)
ويواصل السفير عرفان دوره الاستعماري حاشراً انفه في الشأن السوداني، فكان مما قال في احدى تغريداته الكثيرة في تويتر وبمنتهى قلة الادب حول رفع الدعم عن الوقود.. قال :(رفع الدعم عن الوقود ضروري لانهاء الصفوف ومحاربة التهريب والسيطرة على التضخم)! بربكم ماذا كان سيحدث للسفير السوداني في بريطانيا لو قام باصدار تصريح مثل الذي تفوه به عرفان صديق، بل ماذا كان سيحدث للسفير الالماني او حتى الامريكي في لندن لو تجاوزا حدود مهمتهما الدبلوماسية؟!
سؤال اخر من بربكم يمثل هذا الرجل حتى ينفرد بتلك المكانة العظمى دون السفراء الاخرين، بمن فيهم الامريكي والصيني والروسي والالماني والياباني والمصري والسعودي؟
هذا الرجل يعلم ان بلاده غربت شمس امبراطوريتها، وما عادت من الاقتصاديات الكبرى في العالم وبالتالي فانه من حيث المركز بين السفراء الاخرين لا يحتل مكانة كبيرة لان بلاده لم تعد بذلك الوزن الذي يؤهل ممثلها لان يكون بهذه المكانة؟!
ما هو بربكم السر الباتع الذي يجعله يتمطى في بلادنا هذه الهاملة التي لا وجيع لها ولا مسؤول ينتصر لكرامة شعبها ؟!
لن استفيض في الاجابة لكني اقول ومرارتي تكاد تنفجر وتنفقع من الوجع مستشهداً بقول المتنبي :
ومن يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت ايلام
إن ذلك السفير يتمدد ويتمطى ويتجاوز تقاليد العمل الدبلوماسي نظراً لغياب من يزجره او يحاسبه انتصاراً لكرامة الشعب السوداني، لذلك فانه يتصرف بذات الصورة التي كان يتعامل بها بريمر، الحاكم الامريكي للعراق بعد سقوط الشهيد صدام حسين، سيما وان عرفان هذا كان يعمل في مهمة استخبارية في بغداد خلال تلك الايام النحسات، ويبدو انه تدرب على يد الامريكي بريمر على ما يقوم بممارسته اليوم في سودان الفترة الانتقالية الذي بات ساحة للاستخبارات الاجنبية (تبرطع) فيه وتسرح وتمرح بلا رقيب ولا حسيب!
هذا الرجل الذي بلغ تدخله فيما لا يعنيه درجة ان يكتب خطاباً للامين العام للامم المتحدة يطلب فيه ارسال بعثة اممية عسكرية للسودان من مجلس الامن، ويحمل حمدوك على توقيع ذلك الخطاب بدون حتى عرضه على رئيس مجلس السيادة او مجلس الوزراء! هل فهمتم قرائي لماذا لا يجرؤ حمدوك على اتخاذ اي اجراء ضد السفير عرفان الذي غضب عندما تسرب خبر خطابه الذي وقعه حمدوك الى الامين العام للامم المتحدة، رافضاً تسريب الخطاب حتى لمجلس الوزراء والمجلس السيادي السوداني؟!
رغم ذلك فاني لست ادري، هل لتصرفات حمدوك مع ذلك السفير علاقة بالجنسية البريطانية التي يحملها صاحب الولاء المزدوج حمدوك ام ان لها علاقة باعتبار عرفان نفسه امتداداً للحكم الاستعماري البريطاني للسودان؟!
ما فقع مرارتي وفرى كبدي ليس عدم مساءلة حمدوك جراء جليطته مع عرفان، انما عدم طرد هذا السفير (الحشري) الذي ظل يتدخل بل واحياناً يكتب في مداخلاته الاسفيرية عبارات مثل (يجب) و(باسرع ما يمكن)!
صحيفة (الديمقراطي) اجرت مع عرفان صديق حواراً من حلقتين قال فيهما عن الشأن السوداني عجباً، فقد كان مستفزاً بصورة مدهشة ومريبة وارجو ان تتاح لي فرصة اخرى لأكتب عما قاله حاكم عام السودان عرفان صديق!
الطيب مصطفى – صحيفة الانتباهة