عبد اللطيف البوني

الإخوة الزملاء الأعداء (2 )


(1 )
سأل الاستاذ اشرف عبد العزيز رئيس تحرير صحيفة الجريدة الغراء الأستاذ محمد مختار الخطيب سكرتير الحزب الشيوعي عن امكانية تعاونهم مع الإسلاميين في مقاومة التطبيع مع إسرائيل باعتبار أن الفريقين رافضان له فأجاب سيادته بالنفي لأن الإسلاميين هم ربائب الاستعمار. لا ادري عن أي استعمار يتكلم الأستاذ الخطيب ؟ مهما يكن من امر لن يستطع الأستاذ الخطيب أن يقنع الأجيال الحالية بوجود صراع ايديولوجي بينهم وبين الإخوان أو اي حزب آخر فالايديولوجيا قد سقطت تماما فالدكتور صدقي كبلو عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي قالها على رؤوس الأشهاد انهم ليسوا ضد الرأسمالية بل مع دولة الرعاية الاجتماعية. أي مراجعة لتجربة الإسلاميين في الإنقاذ سوف تجعلهم في صف دولة الرعاية ولا اظن أن أي حزب سوداني سيكون ضدها.
(2 )
بعد انتفاء الصراع الايديولوجي بين كافة مكونات المشهد السياسي السوداني خاصة بين الإخوان والشيوعيين يمكننا القول إن الصراع بينهما يستمد وجوده من التاريخ والآن قد سقطت أو قل تلاشت كل تلك المكونات التاريخية من استعمار مباشر واشتراكية وحرب باردة فلم يبق إلا الصراع على قيادة الحركة السياسية وبالتالي السيطرة على الدولة. لا نحتاج لكثير جهد لإثبات أن الشيوعيين والإخوان تاريخيا هم المستأثرون بقيادة النخبة السودانية فقد ظهر الحزب الشيوعي رافعا راية الحداثة ومقاوما للتقليدية في وسط المتعلمين والقطاعات الحديثة ثم ظهرت الحركة الإسلامية متخذة ذات الخطوات التنظيمية التي اتخذها الحزب الشيوعي رافعة ذات شعارات الحداثة ومقاومة لذات التقليدية ولكن بوسائل مختلفة فكان التنافس بينهما امرا حتميا ولكن الآن سقطت كافة الدعاوى التي قام عليها ذلك الخلاف والصراع كما ذكرنا ولم يبق إلا التنظيم فأصبح هو الصنم الذي يقتتلان به فما إن يتخذ احدهما موقفا سياسيا وإلا واتخذ الآخر موقفا مضادا (انظر قصة حاج ابراهيم وحاج عوض الله )
(3 )
نهاية الايديولوجيا وتجارب الشيوعيين والإخوان الفاشلة والأهم صراعهما الذي لا يخلو من فجور اضعفهما وبما أن بقية مكونات المشهد السياسي السوداني اكثر ضعفا منهما لم تملأ فراغ ضعف الاثنين فأصبح السودان كله منخفضا سياسيا فلجأ الطرفان الأقل ضعفا الإخوان والشيوعيين لسياسة التحالفات فأصبح كل طرف يقطر خلفه مجموعة وحدات سياسية وهاك يا صراع. فالبلاد منهكة والنخبة منهكة واللاعبون السياسيون منهكون فأصبحنا كالعقارب في زجاجة كل واحدة تلدغ اختها دون اي قدرة أو حتى تفكير في الخروج من تلك الزجاجة وفي النهاية سوف يتسمم الجميع ويلحقون امات طه.
(4 )
بلغة السياسة اصبحت البلاد تدور في حلقة مفرغة وإن شئت قل دائرة خبيثة اصبح لابد من التفكير في كسر تلك الزجاجة أو قطع تلك الدائرة الخبيثة لتمضي الأمور في خط مستقيم وما ادخلنا تلك الزجاجة أو الدائرة إلا ذلك الصراع غير المؤسس. نعم عناصر الصراع كثيرة جدا ولكننا كرسنا هذه الحلقات لصراع الشيوعية والإخوان لأنه صراع نخبوي والنخبة هي التي تقود البلاد كما أن الطرفين لهما دربة مكتسبة في القيادة والتكتيكات السياسية وهذا راجع لظرف النشأة وتراكم الخبرات واي تقارب بين شباب الطرفين قد يكون من المخارج التي تخرج البلاد من ورطتها الحالية ولكن الأهم أن المؤامرة الآن اكرر الآن تستهدف الطرفين وبلادنا في حاجة لوجود شبابها وليس في حاجة لأفكار اي منهما وخليكم معانا لحدي بكرة أكان الله حيانا.

عبد اللطيف البوني – صحيفة السوداني