عبد اللطيف البوني

الإخوة الزملاء الأعداء (3)


(1)
لما استبان للجميع أن قيادة القوى الحديثة في السودان اصبحت متنازعة بين الإخوان والشيوعيين لانزواء أو لضعف القوى السياسية الأخرى كان لابد من نشوء الصراع بينهما ولكن قبل استعراض بعض مفردات هذا الصراع دعونا نذكر خطفا بعض اوقات الاتفاق بينهما وهي الاستثناء فقد وقف الطرفان موقفا موحدا من نظام عبود مما مكن الاطاحة به في 1964م وتكرر ذات الامر مع نميري فكان سقوطه 1985 وتكرر ثالثة وبدرجة اقل مع البشير فكانت نهايته 2019 (هذه الاخيرة قد لا تكون مكان اتفاق وستكون لنا لها عودة إن شاء الله) الصراع بينهما بدأ يتسيد الساحة بعد ثورة اكتوبر 1964م مباشرة ويومها كان الحزب الشيوعي هو الأكبر عددا والأقوى تنظيما وسط القوى الحديثة فاستطاع الاستئثار بحكومة اكتوبر الأولى (جبهة الهئيات) ولكن تحالف الإخوان مع الأحزاب الكبيرة اطاح بها ثم تمادى الإخوان في حربهم على (الشيوعي) مستغلين ذات التحالف فكان حل الحزب الشيوعي في نوفمبر 1965 انتقم الشيوعيون منهم عبر انقلاب مايو 1965م فكان اعتقال الترابي دون اعتقال المحجوب رئيس الوزراء يومها وكانت قولة النميري الأشهر إن الثورة اساسا لاقتلاع الرجعية وتمزيق الوريقة الصفراء المسماة دستور إسلامي.
(2)
ازاحة الشيوعيين من حكم مايو لا يد للاخوان فيه ولكنهم استغلوا الفراغ الذي احدثه الشيوعيون ودخلوا في المصالحة مع مايو فكانت انتفاضة ابريل التي حاول الشيوعيون تجييرها ضد الإخوان (السدنة) ولكنهم فشلوا ثم جاءت الانقاذ الاخوانية فكان اعدؤاها الاوائل هم الشيوعيين الذين قادوا كل التحالفات ضدها ولما سقطت الإنقاذ قاد الشيوعيون الحملة لإقصاء الإسلاميين (الكيزان) اقصاء كاملا ولكن لم يكن الطريق ممهدا امامهم ظروف فخوف قوى اقليمية ومحلية من انفراد الشيوعيين و وضعف اداء الحكومة الانتقالية وقوة الدولة الموازية وليست العميقة جعل الامور لا تأتي على هواهم ففي هذا اليوم الذي نكتب فيه هذا المقال يمكننا القول إن التيارات الإسلامية بدأت في الإفاقة من ضربة انهاء الإنقاذ لا بل استعادة التوازن بدأت تظهر عليهم واذا ما سارت الأمور على هذا النحو سوف يغيرون بعض جلودهم ويعودون بشكل جديد لكن الخطر الأكبر عليهم يأتي من القوة الإقليمية والقوى الدولية وبهذا سوف يصبحون في زاوية واحدة مع الشيوعيين.
(3)
الاستراتيجيات الدولية والإقليمية التي ترسم على وجه السودان الآن هدفها اقصاء الإسلام السياسي واليسار معا والى حد ما الحزبية فهي الاخرى غير مقبولة اقليميا وان كانت مقبولة دوليا وقد ايقن الحزب الشيوعي حقيقة هذا المخطط فقرر الانسحاب من الحكومة لمقاومته وهكذا اصبح الآن الشيوعية والإخوان في موقع واحد هذا اذا لم نقل سرج واحد، فالقوى الخارجية تمسك بخناقهما على التوازي ولكنها لن تستطع القضاء عليهما في ضربة واحدة وذلك لضعف البديل فلم تتكون حتى الآن نخبة حديثة داخل الكتلة الحيوية بعيدة عن الاثنين والعمل جار على اشده خارجيا اكثر منه داخليا لتكوين تلك النخبة اللاسلامية واللاشيوعية واللاليبرالية فاذا ما برزت سوف يتم الاستغناء عن الإخوان والشيوعيين الذي يتم (اللعب) بهما الآن. فالحاجة اليهما متوازيان مازالت قائمة. اما كتلة اللا اخوانجية واللا شيوعية واللا حزبية فلانحتاج لأمثلة من الخارج لوجودها فقد شهدها السودان ايام نميري تحديدا (1971 -1977) متمثلة في منصور خالد وجعفر بخيت وعمر الحاج موسى وموسى عوض بلال وابراهيم منعم منصور وبدر الدين سليمان و… و,,, (كفاءات مش ؟) غدا نختم إن شاء الله

عبد اللطيف البوني – صحيفة السوداني