عبد اللطيف البوني

في البدء كانت الكلمة وستظل


(1)
علينا أن نحمد لله حمدا كثيرا على نعمة حرية التعبير التي اتاحتها لنا ثورة ديسمبر المجيدة فأصبح الواحد منا يقول ما يشاء ويكتب ما يشاء دون اي خوف من ملاحقة أو مطاردة أو اعتقال فحرية التعبير هي الجزء المكمل لحرية التنظيم لتصبح ليبرالية كاملة الدسم فإن تعثرت حرية التنظيم في بلادنا فلا اقل من أن ننعم بحرية التعبير، من ناحية دستورية وسياسية فحرية التنظيم مكفولة ولكن القصور في البشر، فالتنظيمات على قفا من يشيل ولكنها عاجزة وممحوقة فلم تستوعب الطاقات الشبابية التي فجرتها الثورة وهذه قصة اخرى فقضيتنا اليوم حرية الكلمة وكما قال استاذنا البروف عبد الله علي ابراهيم الديمقراطية هي الكلمة، فهي التي تبني وهي التي تدل على الفعل الايجابي وهي التي تقوم بالدور الرقابي الذي يمنع الفعل السلبي، وهي التي ترفع الامم إلى مدارج الرقي والتقدم أو تهبط بها إلى اسفل سافلين، فالعلاقة بين الكلمة والديمقراطية علاقة جدلية لا تكتمل واحدة إلا بالاخرى.

(2)
اي حكومة في الدنيا لها اخطاؤها وانحرافاتها اللهم وهذا امر بديهي واي دولة في الدنيا لها اجهزتها الرقابية التي تكبح جماح الحاكم وقد تكون هذه الاجهزة صورية كما في الدول الاتوقراطية التي تقف فوقها انظمة مستبدة ففي هذا الدول يكون الفساد والانحراف ممنهجين ومحميين ولكن في الدول الديمقراطية هناك عدة مؤسسات وهياكل رقابية منها الرقابة الدستورية كما في حالة البرلمان والرقابة المؤسساتية كما في حالة المراجع العام والرقابة الذاتية في اي مؤسسة ولكن انجع انواع الرقابة هي الرقابة الشعبية وهذه تضطلع بها الكلمة فالإعلام بكافة اشكاله القديمة والحديثة وفي الخطب والندوات ومجالس الأنس صنعيته الكلمة، ومع الإعلام الجديد (فيس بوك وواتساب وتوتير والذي منه) ذابت المسافة بين الرقابات الشعبية فأصبح الفعل المنحرف أو اي شبهة فساد تنتشر انتشار النار في الهشيم وفي رمشة عين وقد اصبح انجع وسيلة لمحاصرة الفساد.

(3)
نحن الآن في عهد نعيش فيه الرقابة الشعبية من اوسع ابوابها واي حاجة كدا لا كدا تلقاها منشورة في خرطمية حتة من المؤكد أن بعضها اشاعات مقصودة لدواع سياسية او تصفية حسابات خاصة أو، . أو، . فلندع وسائط التواصل الاجتماعي ونقف عند الصحف والقنوات اي وسائط الاعلام المؤسسي المسئول، فهى الاخرى تضج بأخبار الفساد والانحراف الاداري ولكن للاسف حكومتنا الانتقالية عاملة فيها اضان الحامل طرشا اذ لا توجد منها اي استجابة لتلك الاخبار تصديقا أو تكذيبا فلم نسمع يوما أنه قد تم التحقيق في الخبر الفلاني أو التحري مع الجهة الفلانية التي اوردت خبرا كاذبا، بهذا التصرف تكون الحكومة قد قتلت عمدا ومع سبق الاصرار الكلمة، اي قتلت الفائدة من حرية التعبير واودت بالرقابة الشعبية في ستين داهية، خطورة هذا التصرف هي أن تطبيعا سوف يتم مع الفساد ويصبح الفاسد في مأمن من اي عقاب أو حساب فيتمادى في غيه ويشجع الآخرين على ذات السلوك المنحرف وبهذا تصبح حرية التعبير وبالاً على الوطن وتصبح الكلمة فاقدا لغويا ويزهد الناس فيها وتتلاشى المسافة بين الكبت والغتغتة والشفافية وتصبح يا زيد كأنك لا غزيت ولا شفت الغزو ويمكنك أن تقول مع حبوبتي كلتوم (هه أخير قَبُلْ) بضم الباء

عبد اللطيف البوني-صحيفة السوداني