زاهر بخيت الفكي

إلى متى يا فخامتك..؟


انتظرنا بفارغ الصبر لقاء السيد حمدوك المُعلن عنه في التلفزيون ، وبالرغم من علمنا المُسبق لبعض محاور اللقاء لكن الأمل في أن يُفاجأنا حمدوك بأخبارٍ سارة ظلّ يُراودنا ، وحلمنا (مُجرد حلم) بأنّ حديث الرجُل في بداياته عن التغيير الموجب رُبما أثمر شيئاً جعله يوافق على الحوار التلفزيوني وانتهاز الفرصة كي يدُس لنا في ثناياه الأخبار السارة ، وكما بدأ الحوار انتهى دخلنا بجوبا وخرجنا بأديس أبابا بلا جديد ، نفس الكلمات والجمل الفضفاضة التي لن تُحل بها مُشكلة ولن تنفرِج بها أزمة ، وفي فلك الدائرة المُفرغة ما زلنا وسنظل ندور إلى أن يُقيّض لنا مالك المُلك من يُقيل عثراتنا ويُحلّحل عُقد مُعضلاتنا.
إلى متى يا فخامة الرئيس حمدوك..؟
لقد سئم الناس حتى في ملماتهم الخاصة الحديث عن مواردنا الهائلة وما تتمتّع به بلادنا من ثروات وما قيمة الثروات والموارد إن لم تتنزّل إلى واقع الناس وتتغيّر بها حياتهم ، لا قيمة لهذه الموارد المدفونة ولا جدوى من الحديث (المكرور) عنها وأظنّك تعلم يا سيد العارفين أنّ بعض البُلدان التي عبرت عبوراً حقيقياً وحجزت لنفسها مقعداً في أعلى قائمة دول العالم الأول لا تمتلك القليل من مواردنا التي تكتنزها بلادنا ، ولكنّهُم بجدهم ومثابرتهم وقدرتهم على الابداع في صنع الموارد عبروا وانتصروا ، وحالنا أصبح كحال إبل الرحيل شايلة السُقا وعطشانة.
صدقني مُزارع الذرة في الفشقة المُغتصبة يعلم تمام العلم بأنّ مسلخ نيالا الضخم الذي تحدثت عنه قادر على أن يعود علينا بالخير الوفير في حال أن تمت الاستفادة منه وفي حال أن توقّف الساسة عن الصراع وكثرة الكلام وذهبوا للعمل المُثمر ، وشمّروا عن ساعد الجد للبناء واستنهضوا الهمم للنماء ، ومن من شعبك لا يعلم أنّ أي مدينة من مُدن السودان يُمكن أن نُقيم عليها مصانع لتصنيع المُنتجات المتوفرة حولها ، وحال مصانع كريمة لتعليب الفواكه وبابنوسة لتجفيف وصناعة الألبان وكسلا لتجفيف البصل ومحالج ومصانع الزيوت والقطن في الجزيرة وغيرها من المصانع المتوقفة يُغني عن السؤال ويدعو للعجب ، والفشل في تشغيلها يدُل بوضوح على أنّ الكلام أخذ الساسة بعيداً عن العمل.
من أشار عليك يا فخامة الرئيس في الخروج للمواطن (المُحبط) وأنت بلا بُشريات حقيقية سارة تبعث فيهم شيئاً من الأمل ، وتعينهم على الصبر على مواجعهم وآلامهم ، لم يُحظى غيرك بهذه المحبة من الجماهير وقد حمّلوك أمانة التغيير ومسح صورة الحُكم المُشوهة التي تركتها الإنقاذ وشكروك وما زالوا يشكرونك على قبول التكليف ، وفرحوا بقدومك وقيادتك لهم قبل الشروع في العمل الذي يستحق الثناء والشُكر ، فهل سمعت يا فخامة الرئيس عن أمُةٍ من الأمم عبرت بالأماني والكلام ..؟
الزعيم الصيني ماو تسي تونغ قال لن نصل إلى غيرنا ما دُمنا ضُعفاء وما دُمنا نتخذ من الكلام معولاً للبناء
***********

زاهر بخيت الفكي – صحيفة الجريدة