الطاهر ساتي يكتب : ليست معركة الشارع..!!
:: مُتحدِّثاً عن كرة القدم، يقول المدرب الألماني يورغن كلوب: (كرة القدم ليست مهمة جداً، نحن لا ننقذ أرواح الناس، فقط وظيفتنا جعل الناس ينسون مشكلاتهم لمدة 90 دقيقة).. ولو أن كرة القدم وسيلة إيجابية تتناسى بها الشعوب أزماتها لمدة (90 دقيقة)، فإن لهذه الحكومة وسائل (سالبة للغاية)، بحيث تجعل الناس في بلادنا يتناسون بؤس حالهم..!!
:: وعلى سبيل المثال، منذ سبتمبر العام 2019، وحتى يومنا هذا، وهو عُمر حكومة ما بعد الثورة، تشهد البلاد فراغاً عريضاً في قمة الجهاز التشريعي والرقابي، ويسمونها في الدول الديمقراطية بالبرلمان أو المجلس التشريعي.. ومنذ يوليو 2020، وإلى يومنا هذا، تشهد البلاد فراغاً آخر في قمة الجهاز التنفيذي بعد إقالة واستقالة (7 وزراء)..!!
:: نعم، هناك فراغ عريض في الجهاز التشريعي والرقابي (البرلمان)، وفراغ أعرض في الجهاز التنفيذي (مجلس الوزراء)، ومع ذلك لم يجد السادة بمجلسي الوزراء والسيادة وقوى الحرية والتغيير ما يشغلون الناس والإعلام به، غير بما يسمونه بمجلس شركاء الفترة الانتقالية، وهو محض حاضنة سياسية لحكومتهم العاجزة عن توفير حياة كريمة للمواطن..!!
:: لو كان هذا المواطن أكبر همهم، فقبل مجلس الشركاء، لسارعوا بتعيين وزير للصحة ليكافح الأوبئة ويسد الفجوة الدوائية وينهض بالمشافي، بحيث لا يموت المرضى لعدم وجود الأطباء في قسم الحوادث والأسِرّة في العناية المركزة.. ولو كان هذا المواطن في قائمة أولوياتهم، فقبل مجلس الشركاء، لسارعوا بتعيين وزير للزراعة وآخر للمالية، ليجنبا البلاد ذل التسول في موائد الخليج..!!
:: ولو كان هذا الوطن المنكوب مقدماً على أجندتهم الذاتية والحزبية في (قائمة أهوائهم)، ولو كانوا يشعرون بنواقص الدولة ويعلمون على إكمالها، بحيث تصبح (دولة مؤسسات)، فبدلاً من الصراع حول مقاعد الحاضنة السياسية، لأكملوا هياكل الدولة بتشكيل المجلس التشريعي، بحيث يكون مراقباً ومحاسباً لأجهزة حكومة، كل مسؤول فيها يفعل ما يشاء، بغير مراقب أو محاسب..!!
:: وإن كان لا بد من الحديث عما هم فيه يتصارعون (مجلس الشركاء)، فإن رفض مجلس الوزراء وقوى الحرية لتشكيل مجلس الشركاء نوع من (السواقة بالخلاء)، وهذا من مصطلحات ما بعد الثورة، ويُقال لمن يخدع الثوار، أو كما كانوا يفعلون.. ولكن مضى زمان (السواقة بالخلاء)، وللناس عقول تعرف ما لله والوطن، وما للأحزاب والزعماء..!!
:: ومعركة السادة بقوى الحرية – ومن يمثلونهم بمجلس الوزراء – ليس مع العساكر، أو كما يخدعون الشارع بالبيانات المراد بها (السواقة بالخلاء).. فالشارع أذكى من أن يحارب بالوكالة، لصالح عبدة السلطة.. معركة قوى الحرية مع الجبهة الثورية، ولكنها تستحي من تسمية الأشياء بأسمائها، أو تخشى من مواجهة الجبهة الثورية.. ولا تفسير لموقف قِوى الحرية – ووزرائها – غير الجَشع..!!
:: نعم للأسف، لا شئ يُغضب سلاطين قوى الحرية غير الطمع، وروح الإقصاء التي شبُّوا عليها وَشَابُوا، وما أصعب الفطام.. بالأمس غدروا برفاقهم – زعماء الحركات المسلحة – وقسموا كراسي السلطة فيما بينهم بمنتهى (المحاصصة)، واليوم غضبوا على أن يكون لرفاق الأمس نصيب بحجم نضالهم في الحاضنة السياسية.. فليغضبوا، ولكن فليعلموا بأن غضبهم يسعد الشارع..!!
الطاهر ساتي-صحيفة الصيحة