التمويل يهدد «السلام السوداني»
يخشى البعض في السودان من فشل اتفاقية السلام السوداني الموقعة في جوبا بسبب عدم إيفاء الأطراف بالالتزامات المالية تجاه دعم عملية السلام، على غرار ما حدث في عدم تمويل اتفاقية السلام الشامل مع الحركة الشعبية لتحرير السودان والمعروفة بـ«اتفاقية نيفاشا»، وما نجم عن ذلك من انفصال جنوب السودان.
ونصت «اتفاقية جوبا للسلام» بين الحكومة الانتقالية والحركات المسلحة المنضوية تحت لواء الجبهة الثورية، على توفير مبلغ 1.3 مليار دولار لتمويل عمليات السلام ودفع التعويضات وإعادة اللاجئين والنازحين، وتنمية المناطق المتضررة بالحرب لمدة 10 سنوات، تدفع الحكومة السودانية منها 750 مليون دولار، ويمول الباقي بتعهدات الشركاء الدوليين.
وقال رئيس الجبهة الثورية الهادي إدريس، إن ممثلين عن الجبهة سيقومون بجولات خلال الأيام المقبلة وعقب تشكيل الحكومة، للدول والبلدان الممثلة للشركاء الدوليين والدول الضامنة للاتفاق، والدول المانحة لتوفير التمويل اللازم لتنفيذ اتفاق السلام. وأكد إدريس في حديث لوكالة «سونا» أن أهم التحديات التي تواجه تنفيذ بنود اتفاقية سلام جوبا، تتمثل في التمويل، مضيفاً أن «التنفيذ يحتاج لأموال ضخمة خاصة في دارفور، على اعتبار أن فيها نزوحاً ولجوءاً ومسألة ملكية الأرض والمحاكمات».
ونصت الاتفاقية على إنشاء عدد من المفوضيات، تمول عبر صندوق يسمى «صندوق دعم السلام والتنمية»، وخصصت له 1.3 مليار دولار سنوياً لمدة عشر سنوات، تعهدت الحكومة السودانية بدفع 750 مليون دولار.
وأوضح إدريس أن على صندوق دعم السلام والتنمية، توفير التمويل اللازم لإعادة ملايين اللاجئين والنازحين والمهجرين قسرياً، وتوفير مقومات الحياة لهم، وذلك إضافة إلى توفير الأمن، وإعادة تأهيل البنى التحتية التي خربتها الحرب، بإعادة بناء المدارس والمستشفيات والطرق.
كما نصت الاتفاقية على تحقيق العدالة الانتقالية والتعويضات، وهي عملية تحتاج لأموال ضخمة لإنشاء المحاكم وتحقيق المصالحات المجتمعية بين شعب دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، إضافة إلى شرق السودان، وتوفير هذه الأموال الضخمة بحاجة لدعم المجتمع الدولي. وشهدت التجربة السودانية في الماضي ضربة قوية بسبب تخلي المجتمع الدولي عن تعهداته بدعم اتفاقية السلام السودانية المعروفة باتفاقية السلام الشامل، الموقعة بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الراحل جون قرنق في 2005. بنحو 4 مليارات دولار، مما أدى إلى انفصال جنوب السودان.
ويخشى على نطاق واسع أن تعجز الحكومة الانتقالية في الإيفاء بالتزامها تجاه اتفاقية السلام، بسبب الأوضاع الاقتصادية القاسية التي يعانيها السودان، وألا يفي المجتمع الدولي والشركاء والضامنون بتعهداتهم تجاه اتفاقية سلام جوبا، مما يهدد بفشل الاتفاقية والعودة للحرب مجدداً، سيما وأن الأسباب الفعلية للحروب في السودان، هو تحقيق التنمية والتنمية المتوازنة في مناطق الحروب.
أحمد يونس
صحيفة الشرق الأوسط