تحقيقات وتقارير

إضراب نُوّاب الاختصاصيين.. الصحة في خطر!!

على الرغم من البيئة الصحية المُتردية والمُتهالكة في أصلها وأصولها، لم يجد نُوّاب الاختصاصيين أمراً آخر غير الانسحاب الشامل والكامل من جميع المستشفيات بالسودان، وترك حبل غارب الخدمات الصحية في عُنق وزارة الصحة، بالإضافة للاختصاصيين أنفسهم والأطباء العموميين وأطباء الامتياز، الذين وجدوا أنفسهم أمام اختبار حقيقي مهنياً وأخلاقياً، بينما أكد نُوّاب الاختصاصيين، أنّهم مُجبرون على اتخاذ تلك الخطوة الصعبة، ولكن ما تُمارسه وزارة الصحة ووزيرها من سُلُوكٍ وتعاملٍ، هو ما أجبرهم على ذلك، سيما وأن مبادرة إضراب نُوّاب الاختصاصيين، قد أعلنت الوزارة وجميع المستشفيات ومجلس الوزراء ومجلس التخصصات الطبية وغيرها من الجهات ذات الصلة بأمر الانسحاب قبل تنفيذه بعشرة أيام دُون أن يُحرِّك ذلك ساكناً في الوزير ووزارته، مُنادين ومُشدِّدين على تواصل الانسحاب كاملاً إلى حين تنفيذ كل المطالب أو تنفيذ الحلول المُؤقّتة حسب ما طالبت به المُبادرة لحين إعداد الميزانية الجديدة والتوظيف الكامل لكل النُّوّاب، وإلى ذلك الوقت فإنه على وزارة الصحة أن تتحمّل كامل المسؤولية تجاه أي ضرر يقع على المواطن، سيما وأن النُّوّاب ليست لهم أي مسؤولية قانونية تجاه أي تقصير لعدم قانونية توظيفهم، وأضاف النُّوّاب: نحن متطوعون وأوقفنا التطوع إلى أجل لاحق.

دعم كامل

عضو تنسيقية نُوّاب الاختصاصيين دكتور محمد ابراهيم قال لـ(الصيحة)، إن التنسيقية تعتبر جزءاً من اللجنة المركزية للأطباء، ولكن اضراب نُوّاب الاختصاصيين كان من أجل الوصول إلى حل وافقت عليه مبادرة نُوّاب الاختصاصيين التي أصابها بعد الخلل، بعد اتهام جزء منهم وتم الاعتذار، وأضاف أن ابراهيم أن اللجنة المركزية دعمت الإضراب الجزئي وهي ليست ضد قضايا نُوّاب الاختصاصيين، وأشار ابراهيم أن الحلول التي طُرحت للنواب كان الغرض منها عدم الإضراب في هذا التوقيت، مع حل جميع المشاكل لاحقاً, مبيناً أن المشاكل الأساسية لم تقتصر على الرواتب، وإنما أيضاً حقوق النُّوّاب في الاستراحات والنسب والعمليات والبيئة العملية وتجهيز العنابر وغيرها، وأكد ابراهيم أن الإضراب في ظل وجود تفاهمات أمرٌ غير مقبول، يمكن للنواب الإضراب الشامل إذا لم يتم التوصل لحل القضية، كاشفاً ان عدداً من الاستشاريين كانوا وساطة وضماناً بين النواب والوزارة، وجلسوا مع الوزير من أجل الوصول لحل مُرضٍ، منهم عبد الله عبد الكريم الذي جاء من مدني وبروف سمية لما لهما من مكانة واحترام وتقدير وسط قطاع الأطباء، أكثر من عشرة اختصاصيين وقعوا على ضمان حل مشكلة النواب واتفقوا مع النواب لرفع الإضراب والانسحاب, وأوضح ابراهيم أن الرؤية التنسيقية هي حل المشكلة في نطاق طبي ضيق، وأن الحل الشامل يضع الجميع في الاتجاه الصحيح, وأكد ان المبادرة حالياً تساوم على نفس الحلول التي وضعتها التنسيقية يوم 25 ديسمبر الحالي، ستكون هناك حلول، ومع بداية العام ستطرح الوظائف، واضاف ابراهيم: (نحن عارفين المستشفيات دي “كرور” لكنها مع ذلك تقدم خدمات مهما كانت درجة السوء والأمور في طريقها للحل ونعترف ان المشكلة كبيرة).

أجسام سياسية

وأكد دكتور عمر دفع الله عضو مبادرة اضراب نُوّاب الاختصاصيين لـ(الصيحة)، أن هناك اجساما سياسية داخل الأجسام الطبية، كاشفاً أن لجنة الأطباء المركزية والتي كانت رمزاً من رموز الثورة والتي كانت تقود الإضرابات سابقاً، الآن وبعد سقوط النظام مارسوا ذات السلوك الكيزاني وأصبحوا هم الكيزان الجدد، وعلى الناس والرأي العام ان يعرفوا ذلك وجاءوا بجسم سرطاني جديد اسمه تنسيقية نواب الاختصاصيين ليكون ذراعا للمركزية في كل اقسام الطب، واضاف ان التنسيقية أصبحت تضع العراقيل أمام نواب الاختصاصيين ولم نكن نظنهم بذات الخبث الكيزاني وذات الأسلوب، واوضح عمر ان ما تقوم به التنسيقية والمركزية يؤكد إما أنهم من يتحكمون في وزير الصحة، أو العكس الوزير هو من يتحكم بهم، وأشار عمر الى انه في كل اجتماع للمبادرة تفرض التنسيقية نفسها بأن تكون جزءا من الاجتماع وعليه رفضناهم، وعندما التف النواب حول المبادرة ظهرت أصوات غير مبادرة النواب تُطالب بعزل اعضاء التنسيقية، وعليه عجّلوا بتقديم استقالاتهم ولكنها استقالات شكلية ووهمية لأنهم ما زالوا حتى اللحظة يتحكمون في الوزير، كاشفاً ان المبادرة أمهلت الوزارة عشرة أيام قبل الانسحاب الشامل والكامل من المستشفيات، لم يتمكن الوزير من تحريك أي ساكن, وشدد عمر أن النواب غير موظفين رسمياً، لذلك يعتبرون منسحبين وليسوا مُضربين، ونحن كنا متطوعين في المستشفيات وأوقفنا التطوع.

وقال عمر: بعد الانسحاب الشامل أخرج لنا الوزير (2500) وظيفة كانت قد صُدِّقت من قبل الدكتور أكرم بالإضافة لـ(1500) وظيفة شاغرة نتيجة لسفر بعض النواب ووفاة البعض الآخر واستقالة البعض تم عرضها علينا، رفضنا تلك الوظائف بحجة ان عدد النواب (7000) يجب ان تشملهم جميعاً تلك الوظائف وليس جزءاً منهم، وأشار عمر انه لا مانع من منح النواب حوافز مُجزية لحين إعداد الميزانية الجديدة وتصديق عدد الوظائف كاملة وإلا سيكون الانسحاب سارياً الى حين تنفيذ المطالب، منبهاً لفقدان الثقة بين الوزارة والنواب، وأصبحت الوزارة ليس محل ثقة بعد أن أصدرت قرارها الوازري منذ شهر ابريل الماضي ولم يتم تنفيذه، وشدد عمر: مطلبنا الأخير هو ان يصرف آخر نائب اختصاصي راتباً ثم بعدها يمكننا العمل مراعاة للوضع الصحي ومعاناة الناس ويمكننا ان نوقف الانسحاب غداً بشرط ان تدفع الوزارة حوافز مجزية، وقال عمر إن وزير الصحة هو من جر النواب للانسحاب من المستشفيات وعليه تحمُّل المسؤولية كاملة.

لغة غريبة

بروف الرشيد أحمد رئيس مجلس التخصصات الطبية، أوضح لـ(الصيحة) أن نواب الاختصاصيين لديهم اكثر من جسم، وان ما تم من اجراءات مؤخراً هو بالأمر المعقول، ولكن يبدو ان الضغط الذي يتعرض له اعضاء المبادرة هو من القاعدة, واضاف الرشيد أن نسبة 100% التي يطالب بها اصحاب المبادرة غير معقولة ولا يمكن تحقيقها، سيما وان جزءا كبيرا من المطلوبات المتعلقة بنواب الاختصاصيين متعلقة بالميزانية العامة الجديدة للعام 2021، وان ما طُرح من جانب الوزارة جزء من الحل, مشيراً ان النواب استخدموا بعض المصطلحات العميقة بشئ من الغرابة مثل (الشرط الجزائي)، كاشفاً ان الحافز الذي طالب به النواب ما بين 3 – 5 آلاف وهو ما يمكنه أن يخلق خلافاً لبعض النواب في الأقاليم البعيدة والذين يتقاضون حافزاً قدره ألفي جنيه. ولكن لا مانع لما اُتفق عليه حول اورنيك (8) والتأمين الصحي، لذا يجب على النواب المطالبة بحافز في اشياء أخرى من الأجر الإضافي وغيره من المطالبات، واشار الرشيد الى ان بعض الولايات وعدت بتوفير السكن وغيرها، سيما وأن النواب ليسوا كل وقتهم داخل الخرطوم، لابد من أن يعملوا في المناطق البعيدة، والحافز أحياناً يرتبط بالمناطق، منبهاً ان هنالك بعض النقاط غير واضحة بالنسبة للنواب، وقال الرشيد ان تأثير الإضراب النواب كبير سيما للمصابين بفيروس كورونا وغير المصابين بها من أصحاب الأمراض الأخرى، مبيناً أن هناك فراغاً في المستشفيات من الكادر الطبي وأحياناً يتم ملؤها بالمتعاونين الذين ليس لديهم أي التزام تجاه الوزارة، وكشف الرشيد عن وجود سياسة تدريبية لهذا العام سيتم تطبيقها، وهي عدم استيعاب أكثر من المطلوب للتدريب، وعلى كل وحدة أن تحدد قُدرتها الاستيعابية من المتدربين.

مطالبات النُّوّاب

طالبت مُبادرة نُوّاب الاختصاصيين حسب بيانها الصادر 6 ديسمبر وبعد مرور ثلاثة أيام من الانسحاب الشامل، بصدور قرار من رئاسة الوزراء بالتسكين الوظيفي للنواب في ميزانية 2021 وإضافة امتيازات وبدلات عدوى مجزية للنواب، فضلاً عن صدور قرار من رئاسة الوزراء بزيادة قيمة العقد ما لا يقل عن ألفي جنيه مع تعديل بنوده لصالح النواب، وتعويض الفارق المالي لنواب المنحة، إضافة لتعديل شروط المنحة الكاملة إلى سنتين والمنحة الجزئية إلى سنة وتوجيه كافة الجهات ذات الصلة بتنفيذ هذا القرار بعد صدوره من مجلس الوزراء. وتوفير حافز اتحادي بقيمة 5 آلاف لكل نائب في السودان بالإضافة لتعديل قيمة النبطشيات وحوافز العمليات في المستشفيات. واعتماد بروتوكول التأمين الصحي بالقيمة المضافة للنواب وأسرهم في ميزانية 2021. وأعلنت المبادرة أنه لحين صدور قرار من رئاسة الوزراء يستمر الانسحاب من المستشفيات لمدة 5 أيام مع عمل جدول مُفصّل باستمرار التصعيد لحين تحقيق المطالب. وتُحمِّل المبادرة، رئاسة الوزراء ووزارة الصحة أي تردٍ في تقديم الخدمات الصحية للمواطنين.

تحقيق: النذير دفع الله
صحيفة الصيحة