تحقيقات وتقارير

ماذا بعد شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب؟

شطبت الولايات المتحدة السودان رسميا من قائمة الدولة الراعية للإرهاب، وجاءت هذه الخطوة بعد انقضاء 45 يوما يفرضها القانون الأميركي منذ أن قدم الرئيس دونالد ترامب يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي للكونغرس إشعارا بعزم إدارته رفع السودان من القائمة.

وعلى الرغم من رفع الولايات المتحدة معظم العقوبات الثنائية المفروضة على السودان في عام 2017، فإن استمرار وجود السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب كان عائقا كبيرا أمام الاستثمارات الأجنبية والقطاع المصرفي، وهو ما حدّ كثيرا من النمو الاقتصادي.

وسيدفع رفع السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب إلى اتخاذ خطوات هامة للتعامل مع الوضع الاقتصادي الصعب، خاصة ما يتعلق بجلب استثمارات أجنبية وفتح الباب أمام المساعدة من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

ويبدأ السودان برنامج شراكة مع صندوق النقد الدولي، وسيكون العام الأول بمثابة مرحلة انتقالية ومتابعة، يتم فيها البحث والتفاوض عن قروض واستثمارات واسعة النطاق لإنعاش الاقتصاد السوداني.

وفي إطار الصفقة، وافقت الحكومة السودانية على دفع 335 مليون دولار تعويضات لمن وصفوا بأنهم “ضحايا الهجمات الإرهابية”، كما تزامنت الخطوة مع الموافقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

واعتبر كاميرن هادسون خبير الشأن السوداني بالمجلس الأطلسي بواشنطن والمسؤول السابق بوكالة الاستخبارات المركزية “سي آي إيه” (CIA)، أن هذه الخطوة “تغلق فصلا طويلا ومؤلما في علاقاتنا الثنائية، وتفتتح فصلا جديدا يمكن أن يبنى على القيم والمصالح المشتركة”.

وقال هادسون في تغريدة إنه لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به، مهنئا في الوقت ذاته السودان على هذه الخطوة.

وزير الخارجية الأميركي (يسار) خلال زيارته الخرطوم في أغسطس/آب الماضي (الفرنسية)
اتهامات لا تنتهي
كان السودان قد أضيف إلى هذه اللائحة للمرة الأولى في عام 1993 بعد أن اتهمته واشنطن بتقديم مساعدات وملاذ آمن لزعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن.

لكن جاء هذا القرار بعد أن توصلت الولايات المتحدة والسودان إلى اتفاق على دفع 335 مليون دولار لضحايا تفجيري السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، اللذين اتهم بهما تنظيم القاعدة.

اعلان
وقد تم نقل هذه الأموال إلى حساب يعرف بـ”إسكراو” (Escrow) منذ أسابيع، ولكن لن تصل هذه الأموال إلى المستحقين ما لم يوافق الكونغرس على الاتفاق بين الولايات المتحدة والسودان الذي يتضمن إقرار تشريع لاستعادة الحصانة السيادية للسودان، ويعرف كذلك باسم “السلام القانوني”.

ويقود كبار القادة الديمقراطيين بمجلس الشيوخ معارضة لمشروع قرار “السلام القانوني” على خلفية تجاهله ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي راح ضحيتها 3 آلاف أميركي.

وفي الوقت الذي يؤيد الكونغرس خطوة إدارة ترامب تجاه السودان، يرغب السيناتوران روبرت مندينيز وتشاك شومر في إبقاء الباب مفتوحا أمام عائلات ضحايا 11 سبتمبر لمقاضاة السودان في المستقبل.

وتشير تقارير أميركية إلى أن إدارة ترامب تعمل على حل وسط يمكن من خلاله عرض 700 مليون دولار على ضحايا هجمات 11 سبتمبر للتخلي عن مطالباتهم ضد السودان، في إطار محاولة لتمرير الاتفاق.

وكان محامو ضحايا هجمات 11 سبتمبر قد طلبوا 4 مليارات دولار، وهو الثمن الذي رفضته الإدارة والجمهوريون في مجلس الشيوخ، وفقا لتقرير لشبكة إيه بي سي نيوز (ABC News).

ماذا بعد
مع بقاء أيام قليلة فقط أمام الكونغرس قبل بدء عطلات أعياد الميلاد، لا يعرف مصير مشروع القانون الذي يتضمن استعادة الحصانة السيادية للسودان، ويؤمّن الخرطوم من المحاكم الأميركية في المستقبل.

وإذا لم يقر الكونغرس مشروع القانون قبل أن يتولى بايدن منصبه يوم 20 يناير/كانون الثاني المقبل، فمن المرجح أن يستغرق الأمر شهورا طويلة قبل النظر ثانية في التشريع المتعلق بالسودان.

محمد المنشاوي – واشنطن
المصدر : الجزيرة