(غضبك جميل ذي بسمتك)
(1 )
فرض عين على كل سوداني بالغ مكلف متابع ومدرك للأوضاع السياسية في السودان، أن يفرح بالحدث الكبير الذي اكتمل ظهوره يوم الإثنين الأول من أمس وهو رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية اللعينة واللئيمة المسماة الدول الراعية للإرهابأ وأكبر دليل على عوار هذه القائمة ومجافاتها للمنطق، أنها تعاقب مواطنين أبرياء بعضهم لا يعرف كوع السياسة من بوعها، ناهيك عن الإرهاب. يجب أن نفرح فرحا ليس فيه أي إنابة بمعنى لا يسقط عن البعض إذا قام به البعض أي (فرض عين)، لأننا نحن الذين عشنا في السودان هذه العقود الثلاثة الأخيرة، دفعنا ثمنا غاليا جراء وضع بلادنا في تلك القائمة (بت الكلب)، دفعناه من صحتنا ومن أحلامنا ومن تطلعاتنا، لقد أذاقتنا تلك اللائحة (الويل وسهر الليل) سيكتب الشعب السوداني دفاتر ومجلدات عن الآثار المدمرة التي أحدثتها تلك اللائحة عليه، لذلك لابد لأي سوداني ذكراً كان أم أنثى أن يفرح ويبكي من الفرح الى أن يفقد سوائل.
(2 )
بالطبع، لن نقول لأمريكا شكرا وكتر خيرك وبارك الله فيك لأنك رفعتينا من قائمتك الظالمة، بل لابد من أن نرسل لها أعلى آيات الغضب . غضب من كل سوداني بالغ مكلف متابع ومدرك للأوضاع السياسية . غضب ليس فيه أي إنابة بل فرض عين، ويجب ألا يقف غضبنا على أمريكا بل يجب أن ينسحب على السودانيين الذين جلبوا لنا هذه التهمة والسودانيين الذين ساعدوا أمريكا ودعموها في تطبيق عقوباتها علينا، ويمتد الغضب الى الدول التي استغلت العقوبات الأمريكية في علاقاتها معنا .الغضب على أمريكا يجب أن يكون عارما لأنها ابتزتنا وأخذت من خزينتنا الخاوية (خمة مال)- بضم الخاء – ولأنها فرضت علينا التطبيع مع إسرائيل. لقد لعبت أمريكا بنا وهي تضعنا في القائمة، ولعبت بنا وهي تخرجنا من القائمة . غضبنا على أمريكا يجب أن يستمر الى أن تأخذ الأجيال القادمة ثأرنا منها (أجيالنا الحالية منتهية)، فالعقوبات الأمريكية حنت ظهرها ولم تترك لها مروة.
(3 )
(بعد الشقا طل الهنا/ وانواره طافت حولنا) كما غنى الحلنقي، لذلك فرض عين على كل سوداني بالغ مكلف متابع ومدرك للأوضاع السياسية في السودان أن يتفاءل بأن غدا سيكون أفضل . البديل للتفاؤل هو التشاؤم والإحباط وهذه لا تبني وطنا بل تحطمه، فبلادنا وصلت آخر درجات التدهور فلابد من أن تنهض وإلا سوف تفنى. لذلك لابد من أن نتفاءل بعد رفع العقوبات عنا بخروجنا من القائمة اللعينة . فالحق يقال إنه قبل العقوبات لم تكن أوضاعنا على ما يرام، والعقوبات لحقتنا أمات طه وبعد رفع العقوبات سوف يستمر الحال على ماهو عليه إذا قابلنا الرفع بدون تفاؤل . التفاؤل سوف يثبت أننا أخذنا الدرس من العقوبات ويا له من درس عالي التكلفة.
(4 )
إن مشاعر الفرح والغضب والتفاؤل مسائل وجدانية وليس مكانها العقل إنما الوجدان، والوجدان مكانه القلب والإنسان عقل وقلب وروح وأي من هذا الثالوث يمكن أن يوجه سلوك الإنسان، فنحن فيما يتعلق بالعقل (يخربنا) كما أننا والى حد ما ضعاف الروح، فخلونا نجرب القلب هذه المرة ويلا أفرحوا واغضبوا كلكم ولكن في النهاية تفاءلوا بأننا سنكون مارداً خرج من الجرة الأمريكية المسكونة
عبد اللطيف البوني – صحيفة السوداني