زاهر بخيت الفكي

بأي ذنبٍ قتلوك يا بهاء..؟


في بيانِ لأسرة الشهيد بهاء الدين نوري عليه الرحمة ذكروا بأنّ الفتي اقتادته مجموعة (مجهولة) تستخدم سيارة بلا لوحات ذهبت به إلى مكانٍ مجهول لم يهتدوا إليه إلى أن اتصل عليهم من أخبرهم بمكانه بعد أن أسكتوا صوته للأبد وتواروا كالخفافيش في جُنح الظلام ، قتلوه بعد تعذيبهم له ونسوا بأنّ من نزع المُلك عن الطُغاة الذين عاثوا في الأرض بفسادهم من قبل حيٌ لا يموت ، امتلأت قلوب أهله بالحزن على اغتياله بهذه الطريقة البشعة وامتلأت قلوب أهل السودان بالحسرة على مآلات الأوضاع في بلادٍ ظنّوا أنهم حرروها من مثل هذه الأفعال البشعة والأساليب القذرة .
لم يخرج أهل السودان لأجل رغيف الخُبز وحده ولكن الغُبن من مثل هذه الممارسات دفعهم دفعاً وجعلهم يسترخصون أرواحهم في سبيل التخلُص من نظام استخدم كُل أنواع القمع وكُل ما من شأنه إدخال الرُعب في قلب المواطن في سبيل أن يبقى في سُدة الحُكم ، خرجوا لينزعوا اللثام من وجوه الجُبناء ويزيلوا الأقنعة من تلك الوجوه الكئيبة التي أدمن أصحابها ضرب وتعذيب المواطن ، وخرجوا لاعادة لوحات السيارات التي استغلها الطغاة إلى مكانها حتى يسهُل الوصول للفاعل وينال من العقاب ما يستحقه ، وحتى تستقيم الحياة وتعود الإنسانية والرحمة إلى المواطن الموجوع بتلك الأفعال.
من الذي عذّب وقتل بهاء نوري وماذا يُريد وإلى أي جهة ينتمي هذا القاتل..؟
عودة السيارات التي تجوب الطُرقات بلا لوحات والاعتقالات الكثيرة المجهولة تجعلنا نتحسّس ثورتنا هل نجحت ياتُرى وأشرقت شمسها أم أنّ ليل الإنقاذ ما زال مُمتدا ، وما من صباحٍ إلّا وفي أحشاءه أخبار عن مفقودٍ لم يجدوا اسمه في مضابط الشرطة الرسمية ولا في دفاتر المشافي ومشارحها ، وقد عادت بنا الذاكرة إلى بيوت أشباحٍ لم يسلم من دخلوها منهم من قضى نحبه وسبقهم إلى دار العدل ومنهم من خرج إلى الحياة بلا حياة بعد أن غابت عقولهم من كثرة التعذيب ووحشة الزنانزين التي ضل أهلهم طريق الوصول إليها.
نقول لمن أوكلنا لهم أمر الأمن في البلاد بأنّ التراخي في القبض ومحاكمة الفاعل والقصاص منه يُغري الغير في تجاوز القانون والوصول بالبلاد إلى فوضى لن تخرُج منها ثانية وتجعل من نعمة الثورة نقمة ، ويجد بها عُشاق الانقلابات الطريق سالكاً للوصول إلى القصر للتحكُم في رقاب الناس وفرض السلطة عليهم بالقوة وكأننا يا عزيزي الثائر لم نخرُج بعد لدك حصون الإنقاذ واسقاطها.
بأي ذنبٍ قتلوك يا نوري..؟
أي ذنبٍ هذا يا تُرى الذي جعل الجُناة الجُبناء يقتلون به الفتى بهاء نوري..؟
نسأل الله أن يتغمده بواسع رحمته وأن يُلزم أهله الصبر الجميل وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
***********

زاهر بخيت الفكي – صحيفة الجريدة