الرابع عالميا التضخم .. رحلة صعود قياسية
أرجع خبراء ومختصون، اسباب ارتفاع معدلات التضخم الى أرقام قياسية، (غير مسبوقة) في تاريخ البلاد ، وبلغ في ديسمبر الماضي اكثر من ٢٦٩٪ ، الى السياسات والقرارات الحكومية التي تتخذ، وشدد الجهاز المركزي للإحصاء، على ان تصاعد (اسعار الوقود وندرته) تسببت في (تضخم عالٍ جدا) في كل ولايات البلاد، واكد الجهاز ان اعلان الحكومة عن زيادة اسعار الكهرباء (سيفاقم بعض الاسعار) تؤدي الى (ارتفاعات حادة) بالبلاد.
التضخم يعني ارتفاع الأسعار والتكاليف ما ينتج عن ذلك تدهور في القوة الشرائيّة للنقود، ويسبب التضخم ارتفاعا بالكتلة النقدية المتداولة، ويحدث نتيجة خطأ في السياسة النقدية بضخ كميات من النقود، تتجاوز الغطاء المالي أو تزيد عن حجم السلع المتاحة في الأسواق.
السبب الرئيسي
وقال مدير الإدارة العامة للإحصاءات الاقتصادية بالجهاز المركزي للإحصاء، العالم عبدالغني لـ(السوداني) إن التضخم الموجود في البلاد حاليا سببه (تصاعد اسعار الوقود وندرته)، التي أدت الى ارتفاع أسعار النقل للمواطن والبضائع، في كل ولايات البلاد، وزاد ان معدل التضخم بلغ في ولايات النيل الأزرق ٥٠٩٪ ، سنار ٣٥٥٪ ، ٣٧١٪، واعتبره (تضخما عاليا جدا).
وأكد العالم، ان معدل التضخم في قطاع النقل ارتفع من ٧٧١ الى ٩٠٧٪ خلال ديسمبر فقط، ويعد هذا (ارتفاعا حادا).
وشدد العالم، على ان عملية النقل وأسعار الوقود والندرة، انعكست سلبا على فئات النقل عموما والبضائع، موضحا ان (الندرة) تتسبب في بيع الوقود باسعاره غير الحقيقية، وانعكست على مشتريات المواطن، واضاف أن ارتفاع أسعار السكر واستخداماته أثرت على معدل التضخم، كذلك الالبان ومشتقاتها والفواكه أدت لارتفاع معدلات التضخم بالبلاد.
وذكر العالم، أنه كان من الممكن خفض معدلات التضخم في العام الجاري، خاصة موسم الشتاء مع توفر الخضر والفاكهة، ولكن الإعلان عن اسعار الكهرباء، ربما فاقم بعض الأسعار خاصة في القطاعين الصناعي والتجاري، منوها الى ان الارقام التي حددت للكهرباء (عالية جدا)، ستنعكس على السلع، وتؤدي الى (ارتفاعات حادة ) لأن الكهرباء مدخل اساسي في الصناعة والخدمات.
واشار العالم، الى ان البلاد تعد ثاني أعلى تضخم حاليا في دول الكوميسا ال (٢٢) دولة، بعد زيمبابوي، وظل التضخم في هذه الدول ظل ثابتا رغم جائحة كورونا، كما أنه يعد الرابع على مستوى العالم، اضافة الى ان التضخم بالبلاد متصاعد، لان معدل متغير الاسعار الشهري (سريع ومتسارع)
سياسات حكومية
ويرى الخبير الاقتصادي بروفسير ابراهيم علي، ان قرارات وسياسات الحكومة تسببت في ارتفاع معدلات التضخم، وقال لـ(السوداني) ان الاجراءات التي اتخذت حول رفع الدعم عن المحروقات، تعطل حركتي الصادر والوارد ومشكلات الميناء، تداعيات الدولار الجمركي، وغيرها من القرارات، اسمهت مباشرة في ارتفاع معدلات التضخم ، واضاف : يمكن خفض ارقامه حال حدوث استقرار مادي واقتصادي، بعد رفع الحظر واسم السودان من قائمة الإرهاب، منوهاً الى ان البلاد ربما تشهد تدفق استثمارات، وضخ ودائع واموال في الاقتصاد، متوقعاً أن تحدث استقرارا في سعر الصرف، يؤدي لخفض معدلات التضخم.
ظروف اقتصادية
وأوضح الاقتصادي والمصرفي د. هيثم فتحي، ان اسباب التضخم المالي في البلاد، تعود إلى زيادة حجم الإصدار النقدي لتمويل عجز الموازنة العامة إصدار من دون تغطية، إضافة إلى نقص في الصادرات وزيادة حجم الاستيراد.
واعتبر هيثم، ان الجنيه السوداني يعد من أكثر العملات في العالم تعاني من التضخم حالياً بواقع (300%) تقريباً، وان الارتفاع المتزايد لأسعار السلع والخدمات، أكبر مؤشر للتضخم المالي في السودان، وقال هيثم لـ(السوداني) ان التضخم يؤثر سلبا على شريحة كبيرة من المجتمع، وهي فئة محدودي الدخل وأصحاب الدخول الثابتة والمعاشات، الذين تزداد معاناتهم جراء ارتفاع مستويات الأسعار، نظرا لانخفاض مستويات دخولهم الحقيقية.
وشدد هيثم، على ان البلاد تعاني من أكبر أزمات التضخم الاقتصادي في القرن حاليا، لانه يشكو من ( ظروف اقتصادية) صعبة منها تدهور الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية، وقلة الصادرات التي تدعم الناتج المحلي، إضافة إلى تراجع المنتجات الزراعية في السودان، رغم ان معظم مساحته صالحة للزراعة، ولكن لا يستثمر منها إلا القليل أي بنسبة 30% ، بسبب شح الإمكانات وضعف البنية التحتية، وعدم استقطاب مستثمرين للاستثمار في المشاريع الزراعية، خاصة المنتجات من الخضار والفواكه والقمح.
وأفاد هيثم، ان التضخم يعمل على توجيه نسبة أكبر من دخل (فئة الدخول الثابتة) لتأمين الحاجات الأساسية، كذلك التخلص من ألأرصدة النقدية بشراء سلع معمرة أو تحويلها إلى عملة أجنبية ذات قيمة مستقرة، نظرًا لأن احتفاظهم بتلك الأرصدة في صورة مدخرات بالعملة الوطنية يجعل قوتها الشرائية (عرضة لانخفاض)، واضاف : كلما ارتفع معدل التضخم يوجه المنتجون أرصدتهم النقدية الزائدة نحو الاستثمار في المشروعات، التي تلاقي منتجاتها ارتفاعًا في الطلب نتيجة لانخفاض الكميات المعروضة منها، كما يسهم التضخم في إعادة توزيع الدخول واحتدام التمايز بين الطبقات، حيث تعد دخول أفراد المجتمع بمختلف فئاته، من أكثر المتغيرات الاقتصادية تأثرًا بالضغوط التضخمية.
واشار هيثم، الى ان قرار الولايات المتحدة بشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، ولم يقدم (سوى القليل) من الراحة الفورية للأزمة الاقتصادية، والآن لجأت البلاد إلى صندوق النقد الدولي طلبًا للمساعدة.
آليات ومطلوبات
ورهن المحلل المالي عثمان التوم، انخفاض او استمرار ارتفاع معدلات التضخم، على إجراءات وسياسات تتخذ فعلا، وقال لـ(السوداني) إن أبرز الخطوات المطلوبة تمويل عجز الموازنة بموارد حقيقية، وزيادة الإيرادات فعلياً، وضغط المصروفات والاتفاق الحكومي في كل قطاعاته، والحد من شراء السلع الرأسمالية، وتوسيع التحصيل الضريبي، مشدداً على أن هذه الخطوات يمكن أن تسهم في كبح جماح التضخم، واضاف : قلة الموارد وتمويل عجز الموازنة بموارد غير حقيقية، ينعكس سلبا على زيادة معدل التضخم، مشيرا الى ان تحديد رقم مستهدف في موازنة العام الجاري، مرهون باتخاذ آليات وسياسات تحد من ارتفاعه، لأنه انعكاس للمتغيرات.
يذكر ان عام ٢٠٢٠م ، شهد تصاعدا مستمرا لمعدلات التضخم وذلك بحسب متابعة إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء،
يناير – 64.28%، فبراير – 71.36% ، مارس – 81.64% ، ابريل -98,81% ، مايو – 114.33 % ، يونيو – 136.36% ، يوليو – 143.78% ، اغسطس – 166.83% ، سبتمبر – 212,29% ، اكتوبر – 229,85% ، نوفمبر – 254.34% ، ديسمبر – 269.33%.
الخرطوم : ابتهاج متوكل
صحيفة السوداني