تحقيقات وتقارير

إغلاق صالات الأفراح .. خسائر فادحة


٢٥ ألف عامل تضرروا من قرار الإيقاف
أصحاب صالات الأفراح: خسائرنا كبيرة جراء قرار الإيقاف

تعتبر صالات الأفراح من أكثر القطاعات المتضررة من تداعيات أزمة فيروس كورونا، حيث توقف قطاع صالات الأفراح عن العمل لما يقارب العام ، وما زالت أبواب هذه الصالات مغلقة بقرارصادر من والي ولاية الخرطوم جاء فيه نصاًـ إيقاف إقامة الحفلات والمناسبات بصالات الأفراح والأندية، الأمر الذي سبب خسائر فادحة لأصحاب الصالات والحق ضرراً كبيراً بشريحة العمال..
السوداني أجرت هذا التحقيق لتقف على حجم الخسائر التي تكبدها أصحاب الصالات، ولتطرح قضية تضرر منها الآلاف..

قرار الوالي
أصدر والي ولاية الخرطوم أيمن خالد في وقت سابق قراراً بالرقم (١٠٨) لسنة ٢٠٢٠م، تحت مسمى التدابير الاحترازية للحد من انتشار جائحة كورونا، ونص القرار على الآتي (عملاً بأحكام المادة (٢/٩) من الوثيقة الدستورية للفترة الانتقالية لسنة ٢٠٠٩م وبناء على خطاب مدير عام وزارة الصحة ولاية الخرطوم في اجتماع لجنة الطوارئ الصحية المشتركة بالولاية والمنعقدة يوم الأحد ٢٠٢٠/١١/٢٢م)، حيث نوه القرار المواطنين بضرورة الالتزام بالاحترازات الصحية، وطالب القرار في إحدى فقراته بإيقاف إقامة المناسبات بصالات الأفراح والأندية.

خسارة معنوية ومادية
قال (أ، ش) ممثل اللجنة التسييرية لاتحاد أصحاب الصالات إن قرار إيقاف الصالات سبب ومازال يسبب ضرراً بالغاً لأصحاب الصالات مماعرضهم للقصور المادى الذي يمكن أن يلقي بهم في غياهب السجون، وأرجع ممثل اللجنة ذلك إلى أن لديهم التزامات أجرة المواقع المقامة عليها الصالات وأجور آلاف العاملين الذين يعولون أسرهم من خلال عملهم في الصالات، مؤكداً أنهم يدفعون أجور (الاصطاف) مع العلم أن آخر نشاط لهم كان قبل عام.
وأضاف ممثل لجنة التسيير أن الخسائر ليست مادية فحسب، بل هنالك خسائر معنوية أصابت أصحاب الحجوزات المسبقة، وضرب مثلاً بأن هنالك أسرة سودانية قدمت من هولندا لإحياء حفل زواج ابنها بإحدى الصالات الخرطومية، ومع صدور قرار الوالي بإيقاف صالات الأفراح اصيبوا بخيبة كبيرة، و اضطروا لإقامة حفل زواج ابنهم في إحدى المزارع بطريقة غير مرتبة، قائلاً إن الأمثلة كثيرة والكل يعلم خبر العروس التي اقترب أوان زفافها و(أغمي عليها) بعد سماعها خبر إيقاف صالات الأفراح.

وأوضح ممثل اللجنة أن أصحاب الصالات يواجهون ظروفاً صعبة وخسائرهم كبيرة، وقال إن أصحاب الارتباطات المسبقة الذين دفعوا (عربون) حجزهم، طالبوهم بارجاع رسوم الحجوزات، وتابع هذا بالإضافة إلى الخسائر المتمثلة في وجود كميات كبيرة من المواد التموينية واللحوم التي يصعب حفظها لفترات طويلة، وذكر إن كثيراً من أصحاب ارتباطات الوجبات قاموا بفتح بلاغات ضد أصحاب الصالات مما اضطر بعضهم لبيع سياراتهم لسداد ماعليهم.

٢٥ ألف عامل بلا عمل
وذكرت هبة ممثلة العاملين في اللجنة التسييرية لأصحاب الصالات أن عدد العاملين بصالات الأفراح تجاوز (٢٥٠٠٠)، مضيفة أنهم الآن بلا عمل بعد قرار إيقاف الصالات.
وأضافت أن غالبية اللائي يعملان في الصالات سّيدات، يعتمدن اعتماداً كلياً على دخلهن المتأتي من العمل اليومي في حفلات الزفاف كمشرفات قاعات، أو منظمات حفلات، أو موظفات (كاجوال/ سيرفس.. )، أو عاملات طباخة أو نظافة، واللواتي أيضًا يواجهن ظروفًا معيشيةً صعبةً بسبب توقفهن عن العمل، إضافةً إلى الشباب الجامعيين الذين يسدّدون أقساط جامعاتهم من العمل اليومي في الصالات.

وقالت هبة أن توقف الصالات الحق ضرراً كبيراً بشريحة العمال، مؤكدةً انهم قدموا مذكرة لوالي الولاية بأسماء العمال لإيجاد حلول لهم بتوفير فرص عمل أو دعمهم مالياً من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، وقالت هبة إن المذكرة التي تم تقديمها للوالي قبل أشهر لم يعثروا عليها، كما أنهم لم يتلقوا رداً من الوالي بخصوص المذكرة.

وذكرت هبة أنهم يومياً في مباني حكومة الخرطوم يسعون لمقابلة الأمين العام لحكومة الولاية الذي دائماً ما يرفض مقابلتهم، وأن محاولاتهم للاجتماع مع والي الخرطوم باءت بالفشل بسبب سوء تعامل مدير مكتبه على حد قولها. وفي ختام حديثها طالبت هبة الوالي بضرورة الوقوف مع العاملين بتقديم حلول تساهم في رفع كاهل المعاناة بتوفير فرص عمل أو إصدار قراراً بعودة الصالات..

خسائر فادحة
قال طاهر فاروق منظم حفلات و صاحب شركة (Rt) إنه تكبد خسائر فادحة بسبب قرار الوالي الذي أوقف به صالات الأفراح ، قائلا إن أصحاب الحجوزات طالبوه بارجاع أموال مقدم العقد، مؤكداً أن قرار الوالي مجحف وتم دون دراسة.
وتابع طارق لدي ٤٥ عاملا معظمهم طلابا اصبحوا الآن من دون عمل، وتساءل عن من يوفر لهم فرص عمل أو يدعمهم في ظل هذه الظروف الحرجة…!؟
وذكر طاهر أن قرار الوالي غير صائب، والمتابع للحركة في الخرطوم يشاهد تكدس في الأسواق وأن صيوانات الأفراح تنصب أمام المنازل دون أي احترازات صحية، قائلاً (الكورونا دي بتجي في صالات الأفراح بس) وأضاف طاهر أن تأثير إغلاق صالات الأفراح يشمل قطاعات أخرى مرتبطة بصالات الأفراح وهي تعتمد بشكل كلي أو جزئي على تقديم خدمات أو مواد لصالات الأفراح، مثل: محلات الحلويات، النقل، الصالونات، الورود، محلات تأجير السيارات، بدلات الأعراس، الزفات، التصوير، وغيرها.

وأشار طاهر إلى أهمية إعادة تشغيل القطاع والسماح بفتح الصالات بالعدد الممكن الأقل لكل صالة، مضيفاً أن أصحاب الصالات التزموا من قبل بفرض الإجراءات الاحترازية.

قرار مفاجئ
قال الأستاذ زكريا حاج الأمين عضو اللجنة التسييرية لأصحاب الصالات إن قرار الوالي كان قرارا مفاجئا دون أي مبررات، مضيفاً لازلنا نعالج إشكالات الإغلاق الأول الذي استمر ثمانية أشهر وقد دخلنا في خسائر مادية فادحة لأننا كنا ملزمين بدفع أجور العاملين.
وأوضح زكريا أن قرار إغلاق الصالات تضرر منه المجتمع بأكمله، فالناس تريد أن تحتفل بأبنائها ، قائلاً إن بعض أصحاب الأسرة المتعففة كانوا يعيشون على ما تبقى من طعام صالات الأفراح ، مشيراً إلى أن صالات الأفراح كانت تأوي المشردين و توفر لهم الطعام.

وأضاف زكريا بعد صدور قرار إيقاف الصالات طلبنا من الوالي مهلة لمدة ١٤ يوما لتوفيق أوضاعنا لكنه رفض، وتعلل بأن القرار صادر من وزارة الصحة، مضيفأَ بعد رفض الوالي قدمنا مذكرة إلى اللجنة العليا للطوارئ الصحية و ردت اللجنة على المذكرة مخاطبة والي الخرطوم : (إلى الأخ أيمن خالد والي ولاية الخرطوم رجاء مراجعة قرار لجنة الطوارئ بخصوص الموضوع حسب آخر اجتماع، النقود منع الاحتفالات والتجمعات الجماهيرية مع تشديد الالتزام بالضوابط الصحية لغيرها)
وتابع زكريا حملنا رد اللجنة العليا للطوارئ الصحية وعرضناه على الوالي، مضيفاً أن الوالي رفض رد اللجنة وطالب بخطاب شخصي مباشر من صديق تاور رئيس اللجنة، قائلاً في اليوم الذي رجعنا فيه من اجتماع اللجنة العليا قاد الوالي حملات بنفسه ضد الصالات بمختلف محليات الولاية.
وفي ختام حديثه قال زكريا يبدو أننا مقصودين من الوالي، فالأفراح الآن تقام في المزارع وأمام البيوت دون أي احترارات صحية.

مطاردة الجهات الرسمية
قال الفنان الشاب صديق عمر ” بكل صراحة تضررنا كثيراً من قرار الوالي بإيقاف الصالات والحفلات، قائلاً :” نحن فنانون نعيش من (عدادنا ) في المناسبات والحفلات الجماهيرية”
وأشار صديق إلى أن بعض الفنانين يغامرون بالغناء في المزارع والبيوت ويتعرضون لمضايقات وغرامات السلطات الرسمية ، ، مضيفاً لازلت مستغربا من قرار الوالي بإيقاف الحفلات فقط، ومتسائلاً لماذا نحن..! والأسواق تعمل وتجد الناس في صفوف الخبز والبنزين على مد البصر، ومن وجهة نظري قرار الوالي جائر وغير مدروس.

تقديم طعن إداري
قال المحامي محمد أبوالناس إنه تقدم بطعن إداري ضد قرار والي الخرطوم في محكمة الطعون الإدارية، وذكر أبوالناس أن الوالي أخطأ وخالف القانون عندما أصدر قراره بإيقاف الصالات.

وأضاف محمد أن المادة (٣/٩) من الوثيقة الدستورية الانتقالية لسنة ٢٠١٩م التي استند عليها السيد الوالي لاعلاقة لها بالقرار موضوع الطعن ولا تمنح الوالي صلاحية إصدار القرار ، حيث تنص المادة على (تتكون أجهزة الحكم الانتقالي على النحو التالي _المجلس التشريعي وهو سلطة التشريع والرقابة على أداة الجهاز التنفيذي)
وواضح أبوالناس أن التوصيات الصادرة من وزارة الصحة تدعو للتعايش مع الآباء مع اتباع الإرشادات الصحية، مشيراً إلى أن لقرار الوالي مخالف للقانون ومخالف لتوصية الجهة المختصة وهي لجنة الطوارئ الصحية، مضيفاً أن القرار فيه عدم مساواة بين الأنشطة لاسيما وأن هنالك أماكن أكثر اكتظاطاً بالمواطنين مثل الأسواق ومجمعات الجمهور..

تحقيق: رحمة عبدالمنعم
صحيفة السوداني