صلاح الدين عووضة يكتب.. تشويش !!
جلست لأكتب أمس..
فشعرت بأن عقلي مشوش… ويعجز عن التفكير..
وأينشتاين عجز عن الكلام السلس – شرحاً لنظريته النسبية – في أولى محاضراته الجامعية..
وحار الناس إزاء هذا التعثم من تلقائه..
وعزاه البعض – ممن يعرفونه عن قرب – إلى مشاكل مع زوجته… بينما سَخِرَ منه آخرون..
وهو اعترف فعلاً بتشوش عقله ليلتذاك..
ولكنه لم يعترف – أبداً – بالسبب… بمثلما لم يعترف بأسباب فشله في تجاربه الزوجية..
فهو فارق هذه الأولى… ولم يسعد مع الثانية..
وكتب عنه النقاد بالصحف: من فهم الكثير من ألغاز الفضاء… يفشل في فهم ألغاز النساء..
وجلست نهار البارحة لأكتب، فعجزت بسبب تشوش عقلي..
فكدت أن أسلم بأقدار عقلي… وأخطر سكرتارية الصحيفة باحتجابي ليوم الغد… أي اليوم..
ولكني تذكّرت أنّ مدير التحرير لا يستسلم لمثل هذه الأقدار..
فهو – أبو عبيدة – لن يرضى بترك مساحة زاويتي بيضاء… بل سيسودها بكلمة أرشيفية..
وما أكثر موادي الأرشيفية التي تصلح لأي زمان..
إذن ماذا أكتب؟… لا أدري… والزمن يمضي… والكهرباء قد تقطع – طويلاً – في أية لحظة..
وتذكّر عقلي المشوش أمراً ذا صلة..
فالأديب يوسف إدريس فكّر في أن يكتب شيئاً – راقداً لا جالساً بسبب مرضه – وهو بالمشفى..
فشعر بأن عقله مشوش… ولا يقدر على الكتابة..
فسأله عقله هذا: ولماذا لا تدعني أكتب – أو تكتب بي – عن الحالة التي أنت فيها الآن؟..
فأجاب: نعم فليكن… وشرع يكتب عن حالته..
ثم حين عرف – وهو لم يكتب سطراً بعد – أن حالته تلك هي الموت لم يجزع… ويتوقّف..
بل فكّر في الكتابة عن حالة كونه محتضراً..
وفكّرت أنا في الكتابة عن حالة كوني مشوشاً… فاكتشفت – دَهِشاً – أن عقلي يستجيب..
يستجيب بماذا؟… ولماذا… وفي ماذا؟… لا يَهم..
المُهم إنه يستجيب وخلاص… فمهما تكن هذه الاستجابة فهي أفضل – حتماً – من الاحتجاب..
أو من خيار الأرشيف الذي يمكن أن يلجأ إليه مدير التحرير..
وبلغت هذا المنعطف – ولا أقول التاريخي كمُنعطفات بلادنا – من كلمتي… بعقل مشوش..
أو هو الذي بلغه؛ ثم انتبه – ونبّهني – إلى أسباب الحالة..
فهي حالة تشوشية نتجت عن تشابك مسارات محاولات فهم راهننا السياسي داخل ذهني..
أو بتعبير شعبي: ضربت سلوك عقلي..
وما ذاك إلا لأن مسارات واقعنا نفسها مُتشابكة – سياسياً ومعيشياً – والصحافة مرآة الواقع..
وما ذنب عقلي إن كان عقل حكومتنا أسلاكه ضاربة؟..
ومشــــوش !!.
صحيفة الصيحة