زاهر بخيت الفكي

الطريق شائك يا مريم..!!


ما من شكٍ في أنّ الثورة مكسبٌ عظيم وأمُنية غالية تحققت ، ويقيني بأنّ نجاحها في بلوغِ غاياتها يحتاج منّا إلى جُهدٍ مُضني وبحث مُتواصل عن الأدوات المُعينة على النهوض والتي لن نحصُل عليها بكثرةِ الكلام والأماني ، بل ننالها بالخُططِ المدروسة المدعومة بقوة قوانين الدولة ودساتيرها وحرص قادتها على النجاح ، وما سمعنا بدولةٍ نهضت بفصاحة لسان ساستها (فقط) أو بقُدرتهِم على انتقاء مُفرداتِ النضِم ، والفعل يا ساستنا الأكارِم يقود للفاعل ويتحدّث بلسانه ، والأمنيات ببلوغ الغد المُنتظر بلا عمل أيضاً لا تكفي ، ويكفينا من كثرة الكلام والوعود ما نحن فيه اليوم.
تحدّثت وزيرة الخارجية الجديدة مريم الصادق في لقاء لها مع رابطة سفراء السودان بتفاؤل شديد عن أملها في بناء سياسة البلاد الخارجية للخروج من العُزلة وإقامة علاقات سوية مُتكافئة مع الجميع ، وما جاءت به مريم ليس مُستحيلا ، والعودة للمُجتمع الدولي قيمة فقدها السودان في سنواته الأخيرة بسبب الشخصّنة والعنتريات وخضوع العلاقة لأهواء البعض الشخصية ، وخضوعها أيضاً للاتفاق أو الاختلاف على أفكار (أشخاص) التنظيم الحاكم مع سياسات الدول الأخرى ، إلى أن وصلنا إلى طريقٍ مسدود لم نستطيع أن نصل عبره إلى الغير ، وفقدنا فيه بوصلة العودة إلى زمانٍ تميّز فيه السودان بعلاقاتٍ جيّدة مع المجتمع الدولي.
لن نصل إليهم هكذا يا دكتورة ولقد جاءت الإنقاذ عندما اشتدّ عليها الحصار ، وكثُرت خلافاتها مع دول العالم ببعض الوزراء الشُطّار ، وسلمتهم ملف الدبلوماسية ولم تُجدي شطارتهم في إصلاحِ ما أفسدته سياساتها العقيمة ، ولم تفيدهم الشطارة في تغيير برامجها البئيسة المُخالِفة للنُظم الدبلوماسية والغائبة عنها المؤسسية ، والموبوءة كانت بكثرة الألسن وتداخُل تخصُصات الوزارات في بعضها البعض ، وما تستطيع الخارجية ترميمه في سنوات ينسِفهُ البشير في خطابٍ جماهيري واحد ، وفي لحظات حماس كان كثيراً ما يخرُج فيها عن طوره ويُصاب فيها بحالة من الهيجان المُدمِر والعالم يسمع ويفهم ، وما حديثه عن أمريكا وقراراتها وسخريته منها ووضعه لها تحت جزمته ببعيدة عن الأذهان.
العودة للمنظومة الدولية لن تكون هكذا ولن نعود إليها بقوة إلا بحلحلة المشاكل والخلافات المُتجذّرة بيننا ودول العالم لا سيّما دول الجوار والإقليم ، ولن تستطيع الخارجية وحدها من أن تخطو خطوة واحدة إلّا بمُساعدة الوزارات الأخرى ذات الصلة بأصل هذه المُشكلات التي كانت سبباً في توتر العلائق ، والخروج معها بخطةٍ واضحة تُسهم كُل وزارة فيها بحلحلة ما يليها من خلافات لتنظيف الطريق أمام الخارجية للعمل الدبلوماسي ولتحقيق ما جئت به من آمال وأمنيات يا معالي الوزيرة ، والعلاقات الشخصية لن تكفي وحدها في بناء العلاقات الدولية يا معاليك.

زاهر بخيت الفكي – صحيفة الجريدة