ديل بمثّلوا منو يا قوم..!!
بعضهُم يُصِر إصراراً شديداً على إعادة هذه البلاد وأهلها إلى مُربعاتٍ القبلية البئيسة التي يُفترض أنّا تجاوزناها في زماننا هذا زمانِ العولمة والاستنارة وانتشار الوعي، إنّهم يتجاهلون عمداً بما أحدثته فينا سياسات من استتندوا على القبيلة وجعلوها مطية لحُكم بلادنا المُكتوية بنيرانها ، وقد أوصّلت تلك السياسة البغيضة بعض زُعماء القبائل والعشائر إلى درجاتٍ عُليا مكنتهم من صلاحياتٍ لا يستحقونها ، وأجلستهم في وظائفٍ ما كانوا سيبلغونها لولا دناءة وأنانية بعض الساسة الكبار الذين آثروا الاستمرار في سُدةِ الحُكم بالاستقواء بالجُهلاء واستخدام أتباعهم كقواعد مُعينة لهم ، وما وصل إليه الحال بفعل هذا العبث يُغني عزيزي القارئ عن السؤال.
(أعلن الامين العام للإدارة الأهلية بشرى الصائم عن إجتماع التأم أمس جمع بعض القيادت الأهلية بشخصية نافذة في المكون العسكري بغرض مشاركتهم في المجلس التشريعي الانتقالي ، وكشف الصائم عن تفاصيل ذلك الاجتماع ،وقال في تصريح لـ(الجريدة): تم الاتفاق في الاجتماع على اشراك قيادات أهلية شاركت في البرلمان المحلول في المجلس التشريعي الانتقالي من حصة المكون العسكري وهم ناظر الهدندوة محمد آدم ترك ، وناظر الرزيقات محمود ابراهيم مادبو ، والمك عجيب ، ورئيس الادارة الاهلية صديق ودعة ، وأوضح الصائم، أن حصة الادارة الاهلية تقع مع حصة المكون العسكري والطرق الصوفية.)
الثورة يا هؤلاء بحمد الله لم يُنسب الفضل فيها لقبيلة أو عشيرة ، إنّها ثورة شعب شارك فيها كُل أهل السودان بجميع قبائلهم واثنياتهم ، ولا مجال فيها للذين خالفوا طبيعة (أم جُركم) التي ضرب بها أهلنا في دارفور مثلهم العميق بأنّها لا تأكُل خريفين ، وأبوابها يجب أن لا تُشرع مرة أخرى لدخول من أتاحت لهم القبيلة من قبل الدخول إلى كُل الأنظمة السياسية الوطنية (عسكرية ومدنية) التي تعاقبت على حُكم السودان ، والأنظمة الاستعمارية أيضاً التي امتطت ظهر القبيلة ورفعت من قيمة قادتها واستخدمتهم كأذرع لها لحماية ظهرها ، وما من نتيجة (إيجابية) أحدثتها المُشاركة القبلية على مر السنوات الطويلة الماضية تدفعنا لدعم عودتها بأي شكل من الأشكال.
وكأننا يا شعبي العظيم لم نخرُج للطُرقات للتغيير ، وكأنّنا ما زلنا نصطف اليوم لا ستقبال المخلوع وقد رفعنا لدعمه لافتات الوهم القبلي ، ورفعنا بحماسٍ أصواتنا بالهتاف سير سير وقبيلتنا الفلانية وراك للتعمير ، لم نخرُج بعد ما دام البعض يطمع ويطمح للدخول للثورة بنفسِ المفاتيح القديمة ، ولم نخرُج بعد وبيننا من يُمني النفس بأن يفتح باب المُشاركة القبلية مرة أخرى ، ويفتح لنا من جديد أبوابٍ لم ولن تأتِ عبرها أي نسمة طيبة ترتاح بها أعصاب المواطن السوداني من ضنك الحياة ، ومن جرّب المُجرب حلّت به الندامة.
***********
زاهر بخيت الفكي – صحيفة الجريدة