تحقيقات وتقارير

تحريك الدولار الجمركي .. خطوة قبل التحرير الكامل

شرعت الحكومة في تطبيق زيادة على أسعار الدولار الجمركي من “15 – 20 جنيهاً”، فيما نفت الغرفة القومية للمستوردين عدم إشراكها وإخطارها بالزيادة، وفي الأثناء أعلنت هيئة الجمارك عن تحرير مرتقب لسعر الدولار الجمركي بإلغائه كلياً، وتوحيد السعر مع سعر الصرف الرسمي الذي يصدره البنك المركزي.

زيادة متوقعة

وجاءت الزيادة الأخيرة لـ “20” جنيهاً، كإجراء متوقع من وزارة المالية التي تجري حزمة إصلاحات تستهدف تغييراً جذرياً في بنية الاقتصاد الكلي بدأتها منذ العام الماضي بتحرير متدرج لأسعار المشتقات النفطية والخبز والكهرباء، ثم إلغاء دعم الوقود نهائياً، قبل تحرير سعر الصرف مؤخراً.

وألمحت المالية أكثر من مرة على لسان مسؤوليها إلى اعتزامها تعديل قيمة الدولار الجمركي في موازنة 2021م بيد أن الخطوة قوبلت بمعارضة شديدة من عدة قطاعات أبرزها المستوردون، فتريثت المالية قليلاً ومررت الموازنة بذات السعر القديم قبل تعديله مؤخراً.

زيادة مفاجئة

وأعربت الغرفة القومية للمستوردين، عن تفاجئها برفع سعر الدولار الجمركي من “15 إلى 20” جنيهاً، دون مشورتهم وإخطارهم، وكشف الأمين المالي للغرفة، هاني المناهري، عن تأكيد رسمي سابق من وزير التجارة بعدم تعديل تسعيرة الدولار الجمركي، بيد أن ما حدث يخالف تأكيد الوزير.

وأوضح هاني، لـ “الصيحة”، أن غرفة المستوردين ليست ضد تعديل سعر الدولار الجمركي، بيد أنها ترفض نهج اتخاذ القرار دون مشورة وإخطار المستوردين، واصفاً الزيادة وقال إنها لن ترفع أسعار السلع والبضائع المستوردة بأكثر من 3%.

وأشار هاني لعقدهم اجتماعاً مع وزير التجارة مؤخراً، أكد لهم خلاله الوزير أن أي تعديل لسعر الدولار الجمركي لن يكون قبل مشورة وإخطار غرفة المستوردين، لافتاً إلى أن ذلك لم يتم، وجاءت الزيادة مفاجئة بالنسبة لهم.

أعلنت هيئة الجمارك، عن اتجاه وشيك لتحرير سعر “الدولار الجمركي” كلياً، وتوحيده مع سعر الصرف الرسمي الذي يحدده البنك المركزي، وأوضحت أن استقرار سعر الصرف وتعافي الجنيه سيقود لإلغاء الدولار الجمركي.

وأوضحت هيئة الجمارك في بيان أمس، أن الدولار الجمركي يستخدم في تحديد قيمة السلع المستوردة وتوحيد جميع المعاملات الجمركية بغرض تحصيل الرسوم والضرائب الجمركية بعيداً عن تقلبات ومضاربات وتعدد أسعار صرف العملات، وتلجأ الحكومات لهذا الإجراء نتيجة للظروف الاستثنائية التي تتجاوز مقدراتها في الخروج من الأزمات الاقتصادية المعقدة.

وأضاف البيان “يعتبر تحرير سعر صرف الدولار الجمركي وتوحيده مع سعر الصرف الرسمي الذي يحدده البنك المركزي هو العودة للأصل العام بعد زوال الأسباب الاستثنائية التي تجعل الحكومات تتعامل بالدولار الجمركي”، مشيرًا إلى أن قيمة الجنيه تشهد حالياً استقراراً واضحاً مقابل العملات الأجنبية، وسيحدث تراجعاً في المستقبل القريب لسعر الدولار.

وأكد البيان أن هذا التعافي للجنيه هو الدافع الأساسي الذي سيؤدي إلى إلغاء الدولار الجمركي والذي لم يعد لوجوده داعياً اعتمادًا على المعطيات الماثلة، ونؤكد أن الهدف الأساسي من تعديل قيمة الدولار الجمركي هو المساهمة في تنفيذ حزمة الإصلاحات والسياسات والإجراءات في الاقتصاد الكلي وليس فقط بهدف زيادة الإيرادات الجمركية، تؤكد هيئة الجمارك أن الإصلاح في قيمة الدولار الجمركي تقابله عدة إجراءات للمحافظة على توازن مستوى الأسعار العام وعليه تظل كل المدخلات الزراعية والصناعية والسلع الإستراتيجية معفاة من الرسوم الجمركية إضافة إلى السلع الإستراتيجية، وسوف يستمر إعفاء قائمة السلع الغذائية المنتقاة وتتبعها سلع أخرى بالإعفاء أو التخفيض الفوري وإعفاء سلع المواد الخام المستوردة من الرسوم الجمركية تشجيعاً وحماية للإنتاج المحلي وإحلال الواردات بالصناعات المحلية.

وأضاف البيان “هذه الإجراءات تعتبر فرصة جادة للإصلاح الاقتصادي وتتطلب تضافر وتنسيق كل الجهود الحكومية والقطاع الخاص، كما تتطلب سوقاً منضبطاً بشكل عام وعدم استغلال قرار تحسين وضع الدولار الجمركي بأطماع رفع الأسعار لتحقيق مكاسب شخصية على حساب المواطن، وهذه سوف تواجه بإجراءات صارمة”، وأكدت هيئة الجمارك أن هناك المزيد من الإعفاءات الجمركية ستطبق على السلع التي تهم معيشة المواطنين.

ويشير خبير الاستيراد وعضو الغرفة القومية للمستوردين السابق، قاسم الصديق، إلى أن زيادة الجمركي من 15 إلى 20 جنيهاً كان متوقعاً، مشيراً إلى أن رفعه لأكثر من ذلك سيؤدي لرفع الأسعار بشكل كبير.

ونوه الصديق لـ “الصيحة” إلى أن الحكومة تسعى بكل السبل لزيادة الإيرادات لمقابلة العجز الكبير والحد من الاقتراض الضخم من البنك المركزي وهو ما أدى لرفع التضخم لمستوى مخيف.

مشيرًا إلى أن التعامل الآن بسعر الصرف المحرر، وأعتقد أن حسابات الميزانية تقوم على ذلك، وأبدى تأييده لأن يكون هناك سعر واحد للدولار لا جمركي ولا تأشيري، وبرأيه ذلك يمكن أن يقود لخفض الدولار لاختفاء المضاربات في العملات مستقبلاً.

لافتا إلى أن عجز الميزانية كان مشكلة حقيقية تعاني منها الحكومة وليس هناك خيار لرفع الإيرادات، بيد أنه أشار إلى أن المغالاة في رفع الدولار الجمركي سيؤدي لنتائج كارثية على مستوى الأسعار.

الخرطوم- جمعة عبد الله
صحيفة الصيحة