(بطل ما بموت)
(1 )
قلنا بالأمس إن التأبين لمشروع الجزيرة والذي ورد في خطب الذين تحدثوا في قاعة الصداقة وفي المعيلق بما فيها خطابا رئيس الوزراء وخطاب المحافظ، هذا التأبين يحتاج لمراجعة وتصحيح ونذهب الى أكثر من ذلك ونقول إن المشروع كان طاردا للمزارعين في الستينات وفي السبعينات أما في الثمانينات فقد دخل المزارعون في شراكة مع العمال الزراعيين، وفي دراسة قمنا بها في عام 2003وجدنا أن ثمن قطعة الأرض السكنية في حي شعبي بالعاصمة يمكن أن تأتي بأربع حواشات في مشروع الجزيرة . في السنوات الأخيرة ارتفع العائد من الحواشة وزاد التمسك بها فوجدنا في العام الماضي أن الحواشة الواحدة يمكن ان تأتي بذات القطعة السكنية المشار إليها، وإذا حلت المشاكل الآنية سوف تأتي بقطعتين، أما إذا حدثت الطفرة المرتقبة فلا تحسب.
(2 )
إن الذين ينعون في مشروع الجزيرة اليوم متعامين عما يجري فيه من تطورات إيجابية رغم العثرات هنا وهناك لهم أهداف متباينة بعضهم يريد تصفية حسابات سياسية مع النظام السابق وبعضهم يريد تصفية حسابات داخل الجزيرة مع بعض قادة المزارعين وبعضهم يريد أن يبرر للفشل الإداري الجاري وبعضهم حسن النية يريد التطلع للأحسن . الأمر الذي لاشك فيه ان الثلاثين سنة الماضية كانت سنوات كئيبة على مشروع الجزيرة وأسوأ ما كان فيها هو حرمان مشروع الجزيرة والزراعة عامة من عائدات النفط وبعثرتها في الفارغة والمقدودة وبالتالي ضاعت فرصة ذهبية للاقتصاد السوداني . لم يكن مشروع الجزيرة بخير قبل النظام السابق . تطبيق قانون 2005 الخاطئ أحدث آثارا سيئة في المشروع، ولكن ثبت لنا ان عظم المشروع سليم بدليل أن القمح الذي أنتجه في العام الماضي لم يحدث في تاريخ الجزيرة، كما ان القطن الذي أنتج في العام قبل الماضي في 130 الف فدان كان ينتج في ستمائة الف فدان من قبل في ذات مشروع الجزيرة، كل هذا بسبب تغيير علاقات الإنتاج في القطن وسعر التركيز في القمح وبرضو تقول لي المشروع منتهي !!؟
(3 )
البلاد في عهد ديمقراطي جديد بفضل ثورة ديسمبر المجيدة، كما انها أقرت سياسة التحرير الاقتصادي الى أن وصلت تعويم الجنيه، فأمام مشروع الجزيرة ان يستفيد من كل هذه التطورات المحلية والعالمية، لذلك ليس من المصلحة الإصرار على خطاب النعي والتأبين السائدين الآن ليس لأنهما غير واقعيين فحسب، بل سيضران بمستقبل المشروع يطفشان عنه المستثمرين الذين دعاهم السيد المحافظ في خطابه بالقاعة . نعم هناك عقبات لابد من إزالتها وعلى رأسها الري فهو يحتاج الى جهد خرافي كي يتم إصلاحه ومن ثم تحديثه ثم نظام إداري متطور وبحوث زراعية موجهة والتسويق والصناعة التحويلية . فكما ذكر رئيس مجلس الإدارة في القاعة فان المشروع مؤهل لإنتاج القيمة المضافة المطلوبة، لابد من النظر للمستقبل وترك الماضي، لابد من اختفاء مفردات مثل سيرته الأولى وإعادة السرايات والترماج والهندسة الزراعية، وموت المشروع والتمويل من الحكومة والذي منه إذا كانت هناك جرائم ارتكبت في حق المشروع فمكانها القضاء أما الإدارة فواجبها النظر للمستقبل وليس النظر الى الماضي والأهم من كل الذي تقدم لابد من إشراك المزارع في أي خطوة قادمة، فمزارع اليوم ليس مزارع الأمس ولن يستطيع كائن من كان ان يفرض عليه اية سياسة فوقية خاصة في أجواء الحرية هذه، ونختم غدا إن شاء الله.
صحيفة السوداني