حيدر المكاشفي

كورونا يتمدد عبر ثغرة التراخي والاستهوان

ما كان الناس في انتظار تصريح رسمي من وزير الصحة د. عمر محمد النجيب، ليعلموا بالانتشار الكبير والمقلق لفيروس كورونا، فالناس يعايشون يومياً هذا الانتشار، فما من حي من احياء العاصمة الا وشهد أهله وفاة أكثر من ساكن فيه بسبب كورونا، ولعلك انت شخصيا عزيزنا القارئ قد كابدت الحزن على فراق قريب لك أو قريب لأحد زملائك أو اصدقائك أو معارفك كانت كورونا سببا في وفاته، نسأل الله الرحمة للمتوفين ونتمنى الشفاء العاجل لكل المصابين الذين ما زالوا يتلقون العلاج، وتبقى الحقيقة التي يجب على كل الناس كبارا وصغارا، نساء ورجال ان ينتبهوا لها، والحقيقة هي ان كورونا اللعينة لم تبلغ هذا المدى المخيف من الانتشار وتصاعد اعداد الوفيات يوما بعد يوم، الا بسبب تراخي الناس واستهوانهم بعدم الحرص على تطبيق الاشتراطات الصحية الوقائية بكل جد والتزام، حيث نزعوا الكمامات ولم نعد نشهد سوى اعداد قليلة جدا يلتزمون بها، والمفارقة ان البعض رغم امتلاكه كمامة لكنك تراه قد أنزلها من موضعها الصحيح الذي يغطي حتى الأنف وتراه يمشي فى الاسواق ويجول بين الناس وهو بهذا الوضع الغريب للكمامة، أو بالاصح تلك كمامة وجودها وعدمها سواء، كما أن الناس فارقوا التباعد الاجتماعي وتجد ان نابلهم قد اختلط بحابلهم في كل مكان دون اكتراث لما يهيئه هذا الاختلاط والتلاحم من فرصة ذهبية لكورونا لكي تتمدد وتنداح فتصيب العشرات دفعة واحدة، أما عن الحرص على استخدام المعقمات وغسل اليدين فحدث ولا حرج، فكيف لا تتوسع كورونا فى التمدد والانتشار وحصد الأرواح، طالما فتحنا لها الباب واسعا ولسان حالنا يقول لها (تفضلي حللتي أهلا ونزلتي سهلا)، فخط الدفاع الأول لدرء هذه الجائحة الفتاكة هو نحن المواطنون بانضباطنا في الالتزام بالاشتراطات الوقائية المعلومة، وكنتيجة طبيعية لانهيار خط الدفاع الأول فان أي قوات غازية تجد الفرصة مواتية للتوغل والانتشار، وهذا بالضبط ما فعلناه بركلنا لمطلوبات الوقاية التي تشكل خط الدفاع الأول لرد هجمات كورونا..
ان ما يعلي من أهمية التزامنا بالاشتراطات الصحية الوقائية، هو ضعف وهشاشة نظامنا الصحي الذي يضعنا على الدوام تحت دائرة الخطر، فبلادنا لا تتوفر على الاعداد الكافية من الكوادر الطبية المؤهلة، اضافة الى معاناتنا من الضعف البائن في البنيات الصحية التحتية، هذا اضافة الى افتقارنا للمعدات والامدادات الدوائية، وكل هذه الأوضاع الصحية المتردية معلومة بالضرورة للكافة، بل ويعلم الناس منها اكثر مما ذكرنا، فمن قبل كورونا كان الناس يعانون فى الحصول على الخدمات العلاجية الجيدة ولا يحصلون على الدواء لعدم توفره، بل حتى القليل المتوفر منه لا يتمكنون من شرائه للارتفاع الباهظ في اسعاره الا بشق الانفس، وهذا ما يفرض علينا كمجتمع ان نقف متكاتفين في خط الدفاع الأول جنبا الى جنب جيشنا الابيض، وان نحرص على تطبيق ثقافة التعايش مع المرض على وجهها الصحيح، وليس بمثل هذه السبهللية التي نحن عليها الآن والتي ستوردنا بلاشك موارد الهلاك ان لم نتعظ ونسارع للالتزام بتطبيق الاشتراطات الصحية..

صحيفة الجريدة