رغيفتك الخائف عليها
(1)
قلنا بالامس إن استهلاك البلاد من القمح المستورد قد انخفض بنسبة كبيرة بسبب الطفرة الكبيرة في الاسعار من عشر رغيفات بجنيه إلى الرغيفة بعشرة جنيهات، ومع ذلك مرقنا من السنة ولم تعلن البلاد انها في حالة مجاعة رغم العسر الذي حدث، وخلصنا إلى أن هذه نقمة يمكننا أن نحولها إلى نعمة، وان شئت يمكن أن نقول نعمة في طي نقمة فأمامنا الآن فرصة أن نمضي إلى الامام ولا نرجع إلى ما كنا نستورده قبل عامين، والتي هي مليونين ونصف من الاطنان، ونقرط على الكمية التي تم استيرادها في العامين الاخيرين، ثم نعالج الفجوة معالجات ذكية لكي نمزق فاتورة القمح، فالسيد رئيس الوزراء قال بعضمة لسانه إن البلاد في هذا العام سوف تعتمد على الانتاج المحلي من القمح بنسبة 70% في المائة، وهذا قول طيب لابد من الاشادة به وتثمينه، وننتظر التدابير التي اعتمد عليها رئيس الوزراء في تصريحه المبشر هذا، فالامر المؤكد بالنسبة لنا أن اسعار الخبز الحالية غير مقبولة ولابد من انزالها إلى ادنى حد ممكن.
(2)
الطريق إلى الاكتفاء الذاتي من القمح في تقديري يبدأ بتقليل المستهلك منه، والخطوة الاولى في هذا هي رفع الدعم (طبعا في الحتة دي الحكومة تعجبك وما محتاجة إلى تحريض) فالذي يريد خبزا قمحه مستورد (الطابونة هاديك)، ولكن تبقى المشكلة في ناس قريعتي راحت الذين تعودوا على القمح المدعوم؛ فهؤلاء من البديهي أن يلجأوا للبدائل المحلية، فستات الكسرة يمكن أن يحللن محل ستات الشاي، ولكن المشكلة أن سعر لفة الكسرة اغلى من الرغيفة. طبعا هذه مفارقة أن يكون البديل المحلي اغلى من المستورد وذلك لان الانتاجية من الذرة منخفضة، وهذا امر يمكن تلافيه في موسم واح،د فعمظم اراضي السودان قابلة لانتاج الذرة الرفيعة في موسم الامطار، فالشغلانة محتاجة لشوية تقانة ومدخلات لكي ترتفع انتاجية الفدان من جوالين في المتوسط إلى طنين اي عشرين جوالا، وهذا ليس رجما بالغيب فقد اثبتته المشاريع المطرية الحديثة في القضارف والنيل الازرق والنيل الابيض، فاذا ما حدث هذا سوف تصبح الذرة برماد القروش.
(3)
رفع انتاجية الذرة هي المدخل الاول لتمزيق فاتورة القمح لانه سيكون بديلا جاهزا للقمح، فنذكر الناس هنا بتجربة رغيفة الذرة التي استعرضناها هنا قبل فترة، بالاضافة لتجربة الخبز المخلوط ودونكم معهد ابحاث الاغذية بشمبات الذي يعج بالبروفات (تحية خاصة للبروفيسور ست النفر محجوب وزملائها). الخطوة الثانية زيادة الانتاج المحلي من القمح افقيا ورأسيا وهذا قد اصبح امرا واقعا رغم بعض (الحركات والبركات)، ثالثا يمكن زيادة الاستخلاص من القمح ليصل إلى ما فوق ال90% فالاستخلاص الحالي لا يتجاوز ال76 % ومجمل هذه الخطوات سوف تكون نتيجتها أن يكون عندنا عدة انواع من الخبز، خبز فاخر وخبز تجاري وخبز شعبي، فساعتها سيكون الكل مشتريا، وليس هناك متفرج، وننتهي من ازمة الغذاء والاستيراد إلى الابد، لا بل يمكن أن نصبح مصدرين (ان امة تعجز عن اطعام نفسها لن تتحرك شبرا إلى الامام)، لكن يا جماعة الخير اشارطكم أن كلامنا هذا سوف يروح شمار في مرقة، فجماعة المصلحة في القمح المستورد اقوى مننا بكثير؛ فهي توليفة عالمية واقليمية ومحلية ومحلية جدا، وكأني اراها الآن وهي تمد لي لسانها قائلة (كلامك دا بلوا واشرب مويته وادفق الباقي).
عبد اللطيف البوني – صحيفة السوداني