عبد اللطيف البوني

بدون جمهور


(1)
السيد الغاني الأنيق/ كوفي عنان، عندما كان سكرتيرا عاما للأمم المتحدة قيل له انت رئيس رؤساء العالم، فقال لست أنا بل هو هافيلانج رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) فهو رئيس كل شعوب العالم وهو يتصرف في مملكة مالية عالمية بينما تعاني الأمم المتحدة نقصا حادا في الأموال أقعدها عن أداء دورها المناط بها وهو مساعدة شعوب العالم الفقيرة . بلاتر عندما كان رئيسا للفيفا طلب الرئيس الفرنسي جاك شيراك مقابلته لأمر يتعلق بالمنتخب الفرنسي، فحول الأمر الى سكرتيرته لتجد الفرصة المناسبة وتخطره بها، وحدث نفس الشيء مع أوباما عندما كان رئيسا للولايات المتحدة . وقبل ذلك هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة السابق والأشهر في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية عندما رأى تخلف الولايات المتحدة في كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم قال ان هذه نقطة ضعف كبيرة يجب تلافيها حتى تكمل بلاده قوتها العالمية، فأقنع متخذ القرار بوضع خطة لغرس تلك اللعبة في التربة الأمريكية ومازالت تلك الخطة قيد التنفيذ.
(2 )
الأمثلة أعلاه توضح المكانة السامية التي احتلتها كرة القدم في عالم اليوم، عليه يصبح الجدل عن أنها لعبة (ساكت) او ملهاة أو مكيدة ماسونية ضربا من الكلام الفارغ ،فلا يمكن ان تكون المليارات من البشر التي تعشقها مخدوعة، ولا يمكن ان تكون مليارات الدولارات التي تنفق فيها بعزقة وتبديدا للثروة، فإنسان اليوم مثلما انه محتاج للضروريات محتاج ايضا للكماليات والتحسينات أي الترفيه، وكل هذه الدوائر متداخلة لذلك يكون من الطبيعي أن تنفق الدول والمجتمعات والأفراد على كرة القدم الغالي والنفيس وبالتالي تصبح الفيفا أغنى مؤسسة عالمية وتصبح اتحادات كرة القدم التابعة لها في كل دول العالم من أغنى المؤسسات وتصبح للفيفا كلمة وسطوة اذا أصدرت قرارا ينفذ دون أي مقاومة والأهم من كل هذا يصبح نجوم كرة القدم سادة وأباطرة العالم غير المتوجين.
(3 )
لكل الذي تقدم يصبح من الطبيعي ألا تسع الفرحة جماهير الشعب السوداني في الأسبوع الماضي بمناسبة صعود الفريق القومي السوداني لنهائيات كأس امم أفريقيا في الكاميرون العام القادم. الكثير من جماهير الرياضة في السودان أدبرت عن الرياضة المحلية نتيجة الهزائم المتلاحقة التي كرهت الناس فيها، كما ان الفريق القومي بالتحديد أصبح ملطشة للفرق الأخرى، فكثير من الناس لم يكونوا متابعين لمجريات المنافسة لذلك عندما علموا بصعوده وعلى حساب فريق كبير مثل جنوب أفريقيا كانت الفرحة ممزوجة بالدهشة والأهم ان الفرحة أتت في وقت تسود فيها البلاد روح من اليأس والقنوط.
(4)
الأب الشرعي لصعود الفريق القومي هو الاتحاد العام لكرة القدم برئاسة البروف شداد ولجنة المنتخبات القومية برئاسة الدكتور حسن برقو، ولكن يبقى اللاعبون هم أصحاب الجلد والراس . من العوامل غير المرئية التي تسببت في الصعود وقالها بعض اللاعبين تلميحا وليس تصريحا، عدم وجود جمهور في الاستاد بسبب جائحة كورونا ، فحرم هذا فريقي غانا وجنوب افريقيا من جمهورهما الشرس بينما لم يفقد فريقنا جمهوره اللامبالي (شفتو العوجة دي كيف) . غير الدافع الوطني، نذكر أولادنا الذاهبين للكاميرون بأنهم سيجدون سوقا عالميا في انتظارهم فاذا أصبح أحدهم عالميا مثل روجية ميلا أو دروغبا أو صموئيل ايتو او محمد صلاح، سوف يرفع مستوى الكرة في السودان كله، من الآخر كدا كل الذي نريده في الكاميرون هو أن يلتحق لاعب لنا بالدوريات الأوروبية.

عبد اللطيف البوني.. صحيفة السوداني