الطاهر ساتي

الطاهر ساتي يكتب : أهــل العزم والعزائم..!!


بالأردن التي نهاجر إليها أفواجاً بغرض العلاج، كانت شركات القطاع الخاص قد تأثرت بالأزمة العالمية.. ولكن، قبل الإفلاس وتشريد العاملين، تدخلت الحكومة ببرنامج أسماه (إنقاذ الشركات المتعثرة)، وأنقذت الشركات من الانهيار، وذلك بدمج شركات متعثرة بأخرى ناجحة، ثم حقن ميزانية بعض الشركات المتعثرة بسيولة مستدانة من مصارف الحكومة، مع إلغاء بعض الرسوم والضرائب.. ونجح البرنامج الحكومي، ونهضت الشركات وتجاوزت الأزمة، ولا تزال تساهم في خزينة الدولة و.. استقرار المجتمع..!!

:: وبالمغرب، ميزانية لإنقاذ شركات القطاع الخاص في حال تعثرها بأي ظرف طارئ.. وهكذا.. ناهيكم عن العقول الغربية، بل أي عقل راشد في العالم العربي بات يؤمن بأن الأصل في النهضة الاقتصادية هو حماية القطاع الخاص، وليس تدميره كما تفعل حكومات السودان، العسكرية منها والمدنية.. انهيار المصانع يعني تشريد أسر وارتفاع معدل العطالة وتعطيل عجلة الإنتاج، ثم تفشي الجرائم.. و.. و.. هذا ما يجهله أو يتجاهله المسؤولون في بلادنا، ولذلك لا يبالون بالمصانع التي تغلق أبوابها وتُشرّد عمالتها..!!

:: والأدهى في بلادنا، فالحكومة لا تكتفي برمي أثقال رسومها وضرائبها وفواتير كهربائها على كاهل مصانع القطاع الخاص، بل تتمادى في تدميرها بمنافستها، كما يعكس الخبر الآتي: (وقعت الشركة السودانية للسلع الاستهلاكية، مع الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، اتفاقية شراء مصنع تعبئة وتغليف مواد غذائية للحكومة السودانية دعماً لبرنامج “سلعتي”، إن الاتفاق جاء بمجهودات وزارة التجارة وطاقم مكتب رئيس الوزراء، وسيعمل بطاقة إنتاجية في مرحلته الأولى تصل إلى مائة طن يومياً)..!!

:: هكذا الحدث.. شراء مصنع لتعبئة وتغليف المواد الغذائية، خصماً من (أموال التبرعات)، ثم يحسبونه نجاحاً لطاقم مكتب حمدوك ووزير التجارة السابق، وما هو بنجاح، بل (قُصر نظر) و(عدم معرفة)، هذا مع إحسان الظن فيهم.. هل البلاد بحاجة إلى مواد غذائية أم مصنع لتعبئة وتغليف المواد الغذائية؟.. لو سألوا أنفسهم هذا السؤال بصدق ونزاهة، لعلموا بأن عدد مصانع التغليف والتعبئة في بلادنا يتجاوز (15 مصنعاً)، وبطاقة إنتاجية قدرها في اليوم (7.000 طن)، ومع ذلك تعمل فقط بأقل من (30%) من طاقتها..!!

:: نعم، أكثر من (15 مصنعاً)، بطاقة إنتاجية مقدرة بـ(7.000 طن)، ولكنها تعمل بأقل من (30%) من طاقتها، لعدم حاجة السوق المحلي للطاقة الكلية، ولمتاعب التصدير.. وعليه، يوجد فائض مصانع تعبئة وتغليف في بلادنا، وفائض طاقة إنتاجية مقدرة بـ(70%)، ومع ذلك يُرغم طاقم مكتب حمدوك والوزير السابق مدني عباس، الحكومة على شراء مصنع طاقته في اليوم (مائة طن)، خصماً من أموال التبرعات، لينافسوا به مصانع القطاع الخاص، فتأملوا مستوى تفكير من نصفهم بالمسؤولين..!

:: لو كانوا رجال دولة، ومسؤولين – فعلاً وليس لقباً – لراهنوا في تعبئة وتغليف المواد الغذائية على مصانع وطنية ذات كفاءة وقادرة على تعبئة وتغليف (7.000 طن يومياً)، وليس فقط مائة طن هُم بها فرحون.. ولو كانوا رجال دولة ومسؤولين – فعلاً، وليس لقباً – لاستشعروا بأن مصانع القطاع الخاص تدفع لخزينة الدولة الضرائب والجمارك والرسوم، ثم هي المواعين التي تستوعب العمالة الوطنية، وأن في تدميرها – بمثل هذا التصرف غير المسؤول – تقليلاً لموارد الدولة ثم تشريداً للعمالة..!!

:: وهؤلاء هم من استقبلوا المخابز المصرية في مطار الخرطوم، وقالوا إنها وصلت في (الوقت المناسب)، لمُواجهة أزمة الخُبز وتحديات المرحلة الانتقالية.. وربما مصنع التعبئة والتغليف هذا مُرادٌ به مُواجهة أزمة المواد الغذائية وتحديات السلام..!!

صحيفة الصيحة