زيرو عنوسة
البوني
(1 )
الأستاذ غسان علي عثمان سادن الثقافة التلفزيوني استضاف الاستاذ الكاتب والصحفي محمد المبروك في برنامجه الرمضاني دروب للحديث عن بادية الكبابيش باعتباره أحد الباحثين في شأنها، فتحدث حديث العارفين مشرقا ومغربا في غابة من المعلومات، فكان الحوار محفزا للمزيد من المعرفة بتلك الديار الرحبة. وفي نهاية الحلقة عبر غسان عن اندهاشه بكم المعرفة الهائل الذي سكبه المبروك متسائلا كيف يمكن أن نمكن المواطن السوداني من معرفة نواحي بلده دفعا واجابة لسؤال الهوية والانتماء، فرد المبروك بالقول بتشجيع البحث الأكاديمي ودفع القنوات والميديا والنشر لكنني لو كنت مسؤولا في تلك القناة أو غيرها وشاهدت تلك الحلقة الماتعة لبدأت بالمبروك نفسه وقلت له من اليوم عندك حلقة اسبوعية عن بادية الكبابيش تقول بها ما تشاء وتعلن فيها ان القناة مفتوحة لاي باحث جاد يريد أن يعرف الناس باي صقع من أصقاع السودان . فلو تم هذا المقترح سوف تنداح المعرفة الهويوية بأكثر مما نتصور .ليت برنامج في ربوع السودان الإذاعي لم يتكلس وهذه قصة أخرى.
(2 )
لست اليوم بصدد المواضيع المثيرة التي لمستها الحلقة ولكنني بصدد موضوع آخر دخل كالهدف المتسلل في تلك الحلقة حيث في جملة تقريرية شاردة قال المبروك في دار الكبابيش لا توجد امرأة عانس على الإطلاق. فاي شخص قادم من أرياف السودان من جيلنا والأجيال التي سبقته لن يقول للمبروك (دلللل) اي كذاب وهو يلقي بتلك الجملة، فإلى وقت قريب وقبل دخول التعليم الحديث في السودان كان الزواج شأنا مجتمعيا وليس مسألة فردية، وكانت قيم الجمال منطوية داخل الثقافة السائدة (ود العم ) (ود القبيلة) (تغطية القدح) (الراجل كله ود عم المرأة) ضل راجل ولا ضل حيطة) هذا من وسط السودان ولا شك أن هناك ما يقابله في بقية انحاء السودان وهنا اسمحوا ان أعيد القصة الواقعية التي سبق ان كتبتها هنا حيث أحد أعمامنا من شمال الجزيرة هج من البلد في مقبل شبابه عندما ماطله والده في الزواج، فلحقه الفزع في منطقة سنار وللمبالغة في استرضائه قالوا له اطلب من تريد وسنعقد لك عليها هنا وترجع معنا عريسا مزفوفا فقال لهم (بس أفردوا الضكر) أي استثنوا الذكور وأعقدوا لي على اي بنت ترون، (الفحل مو عواف ).
(3 )
أها دعونا نقفز من المجتمعات التقليدية في السودان وغيره الى المجتمعات الحديثة في أوربا وغيرها، فهناك ايضا لا توجد عنوسة لتعدد أشكال العلاقة بين المرأة والرجل, زواج مدني زواج ديني , مصادقة مساكنة والذي منه، طيب نرجع لمجتعمنا المعاصر والذي سوف يستغرب أفراده لقول المبروك بأن بادية الكبابيش ليس بها عانس . فهذا المجتمع أصابته لعنة الحداثة الانتقائية، حيث التعليم الحديث وما أفرزه من قيم فردية وواقع جديد إذ (تبعثرت الأشياء) على قول جينوا اجيبي فالشاب يريد أن (يكون نفسه) ثم يختار هو أصالة شريكة حياته (صغيرونة ودريفونة)، والبنت تريد ان (تكمل تعليمها) فيفوتها القطار وكلا الشاب والشابة متمسك بالتقاليد الموروثة (إبعاد الإنتاية من الضكر والبيضة من الحجر)، لذلك ظهرت العنوسة وهي مشكلة حقيقية، فماهو الحل والحداثة أصبحت واقعا والتمسك بالتقاليد سيظل قائما ؟ قبل ان تسألوا العنبة أو المبروك ارجعوا لكتب الفقة لتروا أشكال وأنواع الزواج التي أقرتها الشريعة وقد سبق لي أن فصلت في ذلك، لكن اتردمت ردم الجن ومن المتعلمات كمان، غايتو (خيرا تفعل شرا تلقى ).
صحيفة السوداني