من باريس إلى بسطام
(1 )
بالأمس وصلنا الى خلاصة مفادها ان الحكومة الانتقالية ركزت على الجبهة الخارجية ونجحت في إنهاء عزلة السودان الخارجية وتحويله من دولة منبوذة الى دولة مندمجة، وكل هذا في إطار التطبيع والتتبيع المفروض على العالم الثالث اي حكم القوي على الضعيف، ولم يكن للحكومة الانتقالية خيار غير ذلك لانها ورثت الحكم من نظام تمت شيطنته فكان لابد من دفع الثمن . بنجاح الحكومة الانتقالية في مسعاها تكون قد عبدت الطريق ولكنها للأسف لم تلتفت للجبهة الداخلية فكأنما فك العزلة الخارجية غاية في حد ذاته بينما هو وسيلة لانطلاق الجبهة الداخلية اللهم إلا اذا أردنا ان نكون عالة على الآخرين الى يوم الدين.
(2 )
لقد اجتهدت الحكومة اجتهادا كبيرا في التحضير لمؤتمر باريس ولكنها ركزت على الجانب السياسي دون غيره حتى الفليم الذي يعكس موارد السودان كان فيلما تقليديا ركز في معظمه على ما هو معروف عن السودان . كان يمكن الاشارة للاختراقات التي أحدثها السودان في هذا المجال كإنتاج القمح في المناخ الحار والقطن المطري وفول الصويا رغم انها مجهودات محدودة لم تغير من الواقع إلا انها كانت كافية لجذب الانتباه كان يمكن اصطحاب مزارعين مثل عبد الله يوسف وكمال حريز وعادل محمد احمد الجزولي وعلي محمد صديق الذين حطموا الأرقام القياسية في انتاج محاصيل القمح والذرة والقطن، فعبد الله يوسف مثلا أصبح محجة لمديري الشركات الهندية المنتجة لتقاوي القطن وهنا لابد من الاشادة بالكلمة الرصينة التي ألقتها الشابة تسابيح الصائم تلك الكلمة التي جمعت بين مطلوبات السودان ومشغوليات العقلية الأوروبية كالحفاظ على البيئة والهجرة غير الشرعية إذ قالت نحن كشباب فجر ثورة تاريخية لا نريد أن نموت في عرض البحر الأبيض المتوسط.
(3 )
ليت الحكومة وبذات الهمة التي استعدت بها لمؤتمر باريس التفتت للموسم الزراعي الماثل 21\2022 فقنوات الري الآن يمكن ان تلعب فيها كرة قدم من شدة جفافها والكراكات متدحشة في انتظار الجازولين ومهندسو الري يشيلوا ويدبجوا في التقارير الباكية أما بقية المدخلات فيكفي ما ذكره محافظ مشروع الجزيرة بانهم لايملكون ولا جوال سماد واحد اما القطاع المطري فبدأنا نسمع عن الأرقام الفلكية الولاية الفلانية سوف تزرع عشرات الملايين من الأفدنة والولاية العلانية سوف تزيد عليها بكذا مليون ولكن لم يحدثنا أحد بماذا استعدت هذه الولايات لهذة الملايين المملينة من الأفدنة فهل هناك تقاوي محسنة؟ وهل هناك عمليات حصاد مياه هل وهل أم الحال ياهو نفس الحال وغدا في موسم الحصاد سوف نشهد متوسط الانتاجية الذي سوف يتراوح بين الجوال والجوالين فقط ؟
(4 )
لقد شهدنا في العامين الماضيين اهتمام الحكومة ورئيسها عبد الله حمدوك بحصاد القمح وقد وقف بنفسه في الموسم الماضي على ذلك ولكن المطلوب الاهتمام بالزراعة قبل الاهتمام بالحصاد فليت الحكومة وفرت كل مصروفتها الضرورية وغير الضروروية وهي الأكثر لمدخلات الانتاج وشجعت (بنوك الجن) وعلى رأسها بنك (العجز) الزراعي على الاتجاه الى التمويل وفاوضت القطاع الخاص والمحلي والعالمي اذا أمكن للدخول في شراكات مع المزارعين . ما فائدة انفتاح البلاد على الخارج والشباب يغلق في شوارع العاصمة وغير مشغول بالإنتاج . واخيرا قال يا أبا يزيد البسطامي ما أخرجك من بسطام ؟ قال طلب الحق . قال ان الذي تطلبه (في باريس) تركته في بسطام . فرجع ولزم الخدمة وفتح له.
صحيفة السوداني