الريموت كنترول مع منو فيكم..؟
تخيّل معي عزيزي القارئ حال رب أسرة مُنهك تمدّد في سريره نهاية يوم عمل شاق وهو ينتظر بشوقٍ مُشاهدة برنامج تلفزيوني شيّق، والريموت كنترول بيد أطفالِه الأشقياء يتخاطفونه فيما بينهم، فلن يتركونه يستمتع ببرنامجه ولن يهنأ أحدهم بمتابعة برنامجه المفضل، وغالباً ما يقودهم الخلاف إلى مُشاجرة يكون حلها بقفل التلفزيون منهم أو تدمير الريموت بيد أحدهم عملاً بمقولة علىّ وعلى أعدائي، النظرية التي التي عمِل وما زال يعمل بها الساسة في سودان الأزمات والكُربات.
بيد من ريموت كنترول هذه البلاد بالله عليكم..؟
سؤال أردتُ أن أطرحهُ هُنا بلسانِ المواطن وقد استعصت علينا إجابته ولم نجد من بينِ من يحكمون اليوم من يُجيبنا عليه إجابة شافية كافية.
من الذي يعبث ببلادنا..؟
قطع شك بيننا من يستعد للرد علينا بلا وعي بتلك الاجابة المُحنّطة المملّة التي يُرددها بعض ساسة اليوم كُلما تأزّمتِ الأحوال بأنّ السبب هُم الدولة العميقة، لا يا هذا لقد ذهبت الدولة العميقة إلى غير رجعة وحتى المُكابر الذي ظلّ يُقاوم من أهلها هدأت فرفرته، ولكن ما يبدو جلياً الأن أنّ البعض استغلوا فينا فوبيا الدولة العميقة وظلّوا يعبثون بنا لصالح أنفسهم ولصالح جهات أخرى (كثيرة) بعضهم يطمع في ما لدينا، والبعض الأخر يرى في استقرار السودان ونهضته غير ما نرى، وبيننا بعض الحمقى الذين يسعون بلا مُبالاة لعرقلة حركة قطار الثورة حتى لا يصل بسلام إلى محطات الاستقرار التي يتوق إليها إنسان السودان الموبوء بساسته.
نسأل منو وحالة التوهان التي تعيشها الحكومة الانتقالية تدُل أن لا أحد منهم يستطيع أن يُدلي لنا بالاجابة المُقنِعة، وأين هو المسؤول وساحة مطار الخرطوم (الرسمية) تُحدثنا عن غيابهم المُستمِر، وتُحدثنا عن طائراتِهم التي لا ينقطع صوت أزيزها، طائرة قادمة تحمل البعض حطّت رِحالها (إلى حين) في مِطارِنا، وأخرى مُسافرة بآخرين وكلاهُما لديه رحلات في الخاطر ينوي القيام بها (غداً) على حساب خزينة الدولة الخاوية التي لن تمتلئ بالآمال والأشواق، لقد شغلتهم الوظائف والمزايا عن ما فعله الدولار بجنيهنا، وما يُعضد القول أنّه لم يخرُج علينا حتى اليوم من يُبرر لنا هذه الزيادات المُخيفة ويُحدثنا عن سببها وعن خططهم (إن) كانت موجودة أصلاً للحل وإيقاف التدهوّر المُريع.
لقد انفلت الأمن وازداد خوف المواطن الذي لم يعُد آمناً في منزله ولا في طُرقات بلاده وأخبار السلب والنهب والقتل (المؤكدة) لو كُنتُم حقاً بيننا وجئتُم لأجلنا تسبقُنا إليكم، عجباً وفي وضح النهار على بُعد خطوات من وزارة الداخلية يُنهب البعض وتؤخذ حاجياتهم، وفرية الحصانة المفقودة تمنع السُلطات من حسم التفلتات المُرعبة، والخوف من اتساع دائرة العنف يكبر مع كُل صباح جديد في قلب مواطنٍ اتسعت الهوة بينه وحكومته وباتت غاية أمانيه أن يحيا بسلام مع أسرته بالحد الأدنى من مطلوباته الحياتية.
والسؤال ما زال مطروحا.. بيد من الريموت كنترول..؟
زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة