عبد اللطيف البوني

حكومة أم سفينة نوح ؟

(1 )
من حقوق الانسان المتفق عليها حرية التعبيروحرية التنظيم وهذا يدخل في باب الحريات السياسية وان شئت تعبيرا اكاديميا قل المشاركة السياسية فمن حق اي مواطن ان يشارك في صنع سياسات بلاده ولكن بشرط ان تكون المشاركة خاضعة للتنظيم حتى لا تتحول لفوضى وتتمظهر المشاركة السياسية في المشاركة في الانتخابات تصويتا وترشيحا اي يكون لك حق ان ترشح نفسك لاي منصب دستوري اذا كنت مستوفيا للشروط وتصوت لمن تريد في حالة الاقتراع وان تكتب ما تشاء وترفع العرائض وتطلع في المظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي ينظمها القانون وان تضرب عن العمل وعن الطعام اذا اقتضى الامر كل هذه من ضروب المشاركة السياسية وكلها يجب ان تكون منظمة بالقانون حتى لاتتعدى على حريات الآخرين وتعطل دولاب العمل و تتحول الى فوضى
(2 )
نحن في السودان رزئنا بتربية سياسية ما انزل الله بها من سلطان اذ فهمنا المشاركة السياسية فهما خاصا فحرية التعبير اصبحت تعني اغلاق الشوارع اوحرق اللساتك لتخريبها والوقفات الاحتجاجية لتعطيل العمل والاضرار بالمواطن واي سياسي او حزب سياسي يعترض على هذه الممارسات الله قال بقوله لذلك تحولوا كلهم الى منافقين يعلنون خلاف ما يبطنون (المجد للساتك) واي مطالبة بتنظيم الحرية تعتبر دعوة لمصادرتها . الامر المؤكد ان الناس سوف يزهدون في حرية التعبير اذ اصبحوا متضررين منها و اذا خطفتها كديسة ما يقولوا ليها بس . على الذين يريدون الحرية اصالة من المتعلمين والمثقفين ان لايجاملوا في الحتة دي وينصحوا الشباب بعدم اساءة استخدام الحرية ليس خوفا من الحكومة بل خوفا على المواطن وعلى الدولة وعلى الحرية نفسها . فعلينا الا نضع الناس بين خيارين الكبت او الفوضى ففي الامر متسع للحرية مع النظام اذا حكمنا واحكمنا القانون.
(3)
من الامراض السياسية الاخرى التي رزئنا بها فهمنا للمشاركة السياسية انها تعني المشاركة في الحكومة أي نحن كحزب او قبيلة او عرق او طائفة او طريقة صوفية او حتى افراد نحب ان تكون لدينا مناصب في الحكومة وزراء او حكام ولايات او اعضاء في مجلس السيادة او البرلمانات وعدم وجودنا يعتبر اقصاء لنا وحرماننا من حق من حقوقنا ولعل هذا هو السبب في الترهل في الوظائف الدستورية فالنظام السابق ترهل في الاستوزار (75 وزيرا) اتحاديا في اخر حكومة وفي عدد الولايات والمحافظات والنظام الحالي ترهل في راس الدولة( 14 راس) والبقية تاتي وابقى على الولايات . المعلوم ان الحكومة جسم رشيق محدود الزمن و الصلاحيات يقوم على التمثيل والانابة اي تمثل المواطن وتنوب عنه فلايمكن ان تكون كل اطياف المجتمع موجودة فيه لان هذا مستحيل (تجربة القذافي الفاشلة ) فكل المطلوب ان تكون كل اطياف المجتمع مساهمة في تكوين الحكومة وذلك بالانتخاب فطالما انك قد مارست حقك الديمقراطي في الترشيح والتصويت وارتضيت نتيجة ذلك فهذا يعني انك اشتركت في العملية السياسية مشاركة كاملة الدسم . عليه فاننا في حاجة لتربية سياسية سليمة تفهم المواطن ان المشاركة في الحكم لاتعني ان تكون موجودا في الحكومة بشخصك بل ان يكون الحاكم جاء عبرك بعبارة اخرى شاركت في اختيار الحاكم حتى ولو صوت ضده فيا أيها الناس علموا الناس انه في حاجة اسمها تقسيم العمل عشان البلد دي تمشي لقدام .

صحيفة السوداني