تحقيقات وتقارير

تعرفة المواصلات .. المعادلة الصعبة!


أساور: زيادة أسعار الوقود ستؤدي إلى ارتفاع تكلفة المواصلات للفرد في اليوم الواحد من 50 جنيهاً كحد أعلى إلى ما يفوق الألف جنيه

عاملون: ندفع للمواصلات مبالغ أكثر من أجورنا الشهرية

خبير اقتصادي: الدولة غير مهتمة بمعاناة المواطنين ومصر نجحت لهذا السبب

الحراك الجماهيري: ستكون تكلفة المواصلات أكبر عائق لوصول المواطنين إلى أماكن عملهم

قبل زيادة سعر الوقود قبل أيام، كان حال المواصلات العامة بولاية الخرطوم يحتاج إلى سؤال ورقابة المسؤولين فوضع أصحاب تلك المركبات أسعاراً بمزاجهم و(العاجبو عاجبو) و(الما عاجبو يشرب من البحر) أو يضرب رأسه في الحيط، وهذا الأمر قابله المواطنون بتذمر وضيق شديدين وكثيراً ما دخلوا في مشادات كلامية مع أصحاب تلك العربات لا تنتهي ودائمًا كان الرد الذي يسمعونه.. هذا هو السعر ولتذهب للجحيم.. لأن أصحاب العربات يشعرون بأنهم ضد السؤال ولا توجد حكومة لتراجعهم أو تراقبهم.

الإحساس بأن كل شخص يفعل ما يحلو له هو المسيطر هذه الأيام وسط غياب تام للمسؤولين.

وبعد الزيادات الأخيرة في سعر الوقود زادت تعرفة المواصلات العامة إلى الضعف، وأصبحت أقل تعرفة مبلغ مئتي جنيه في الخطوط القصيرة.

قيمة المواصلات أكبر من الرواتب

الخبير الاقتصادي معاوية أبايزيد.. قال إن إحساس أصحاب المركبات العامة بعدم وجود حكومة دفعهم لوضع التعرفة التي تتناسب معهم، وقال إن العاملين بالدولة سيتأثرون بارتفاع قيمة المواصلات العامة ولن يستطيعوا الذهاب للعمل، وقال إن أصحاب الرواتب الضعيفة سينفقون أكثر من رواتبهم في المواصلات في الذهاب والإياب، مبينًا أن الحكومة الغائبة عن موضوع المواصلات كان عليها أن توفر المواصلات الحكومية للمواطنين قبل اتخاذ قرار تحرير الوقود، وضرب مثلاً بمصر والتي قال إنها عملت على تخفيض قيمة مترو الأنفاق فلم يتأثر المصريون بتنفيذ روشتة البنك الدولي لوجود مواصلات رخيصة ولوجود خضروات وخبز في متناول اليد، وأضاف قائلاً، إن حكومة حمدوك أثبتت أنها افشل وأسوأ حكومة في تاريخ السودان.

وقال إنها فشلت في ملف ميناء بورسودان، ولم تنجح في كل الملفات المتعلقة بحياة المواطنين، مبيناً أن إيرادات الميناء كافية لتحسين الاقتصاد ودعم الوقود والخبز، وطالب بإسقاط حكومة حمدوك ووصفها بغير الشرعية …

ارتفاع كبير

فيما أشار مواطنون التقيتهم في مواقف المواصلات بالعاصمة إلى ارتفاع كبير جداً في تعرفة المواصلات، وقال عثمان من شرق النيل، إن قيمة المواصلات من موقف 13 بشرق النيل إلى السوق العربي أرتفعت من 150 جنيهاً إلى 400 جنيه للهايس وإلى 250 جنيهاً للحافلات، فيما قال أحد سكان مايو إن التعرفة زادت إلى الضعف من محطة 13 شرق النيل إلى السوق المركزي، وأصبحت 200 بالحافلات وإلى 300 بالهايس.

ألف جنيه

وحسب متابعات “الصيحة”، فقد تضاعفت تعرفة المواصلات في كل خطوط العاصمة الخرطوم في ظل انعدام للجازولين ويحتاج الشخص إلى مبلغ يزيد عن ألف جنيه ونصف يومياً، إذا أراد الذهاب إلى العمل بما يساوي 45 ألف جنيه شهريًا والراتب لا يتجاوز 15 ألف جنيه، وهنالك من يتقاضى أقل من عشرة آلاف جنيه.

أكبر عائق

ورأى تنظيم الحراك الجماهيري الحر (حجر) أنه في الوقت الذي يعاني فيه المواطنون من أزمات مستفحلة في أوضاعهم المعيشية تتمثل في أزمة الخبز والغاز والدواء والجازولين وارتفاع أسعار السلع كافة بصورة يومية ومشكلة المواصلات وارتفاع أسعارها؛ فوجئت جماهير الشعب بقرار رفع سعر الوقود من ٦٧٠ جنيهاً للجالون إلى ١٣٠٥ للجالون أي ما يقارب مائة في المائة؛ وقال إن هذا الأمر سيؤدي إلى ارتفاع جديد وكبير في تكلفة النقل وبالتالي ارتفاع جنوني في أسعار كافة السلع إضافة إلى عجز ذوي الدخل المحدود عن الوصول إلى أماكن عملهم بفعل ارتفاع تكلفة المواصلات بما يفوق دخل المواطن؛ فقبل هذه الزيادات وبفعل الزيادات السابقة فقد ارتفعت تكلفة المواصلات في اليوم من حوالي 40 جنيهاً إلى أكثر من ٧٠٠ إلى ٨٠٠ جنيه للفرد الواحد في اليوم على أقل تقدير، أما بعد هذه الزيادات فستكون تكلفة المواصلات أكبر عائق لوصول المواطنين إلى أماكن عملهم لأنها فوق الطاقة وسيتأثر الإنتاج الزراعي والصناعي والحرفي تأثراً سلبياً كبيراً؛ وسيكون الخناق قد ضاق على المواطن من كل جانب..

الدكتورة أساور

من جانبها دعت الدكتورة أساور آدم عضو اللجنة القيادية للتحالف الاقتصادي لقوى ثورة ديسمبر المجيدة الشعب إلى مقاومة الزيادات المضطردة وغير المنطقية والمتواصلة في أسعار الوقود وأشارت إلى ارتفاع سعره من ٢٨ جنيهاً للجالون الى ١٢٨ جنيهاً ثم إلى ٥٤٠ جنيهاً حتى وصل إلى ١٣٠٥ جنيهات في عمل سادي منظم تمارسه مجموعة وكلاء صندوق النقد الدولي والإملاءات الخارجية ضد الشعب السوداني الأبي؛ وأضافت أساور أن ذلك أدى إلى ارتفاع تكلفة المواصلات للفرد في اليوم الواحد من 50 جنيهاً كحد أعلى إلى ما يفوق الألف جنيه، وأشارت إلى تصاعد أسعار كل السلع بسبب ارتفاع تكلفة النقل.. مبينة أن الشعب موعود بارتفاع جديد في أسعار النقل والسلع لدرجة لا تطاق.

الحكومة غير مهتمة

اعتبر خبير في مجال النقل أن تعرفة المواصلات العامة بالخرطوم هي تعرفة عالية، وقال إن سبب ذلك يعود إلى عدم وجود رقابة عليها من الحكومة، وطالب بوجود أفراد من الشرطة في مواقف المواصلات لتحديد التعرفة، وقال إن أصحاب المركبات العامة يفرضون الأسعار التي تناسبهم ويسيرون في الخطوط التي تناسبهم دون أن يجدوا من يردعهم، مشيرًا إلى أن الحكومة غير مهتمة بمعاناة المواطنين.

وطالب عمار سيد أحمد الخبير في مجال النقل بأن تقوم الحكومة بمسؤولياتها وتضع التعرفة المناسبة وتلزم العربات بالسير في خطوطها المحددة وفق التصديق.

شركة مواصلات الخرطوم

وقال إن شركة بصات الخرطوم كان من الممكن أن توفر الحل لكنها شركة متدهورة وتعاني من مشكلات.

وكانت شركة المواصلات العامة بولاية الخرطوم أعلنت قبل زيادات الوقود الأخيرة عن تخفيض قيمة التذكرة للطلاب لـ 20 جنيهاً لكل الخطوط.

وأكدت التزامها بتعرفة 50 جنيهاً لغير الطلاب لكل الخطوط الولاية.

وتأسف المدير العام للشركة، محمد ضياء الدين، في بيان صحفي لتوقف الشركة خلال شهر فبراير الماضي.

وأشار إلى أن الشركة استفادت خلال فترة التوقف من إعادة تأهيل وصيانة البصات، ولفت ضياء الدين إلى أنه على الرغم من الزيادات المهولة في مدخلات التشغيل والصيانة فإن الشركة ملتزمة بالتعرفة المعلنة سابقاً 50 جنيهاً لكل الخطوط العاملة بالولاية.

وكانت الشركة نفسها أعلنت مطلع فبراير الماضي خروج نصف بصاتها من الخدمة.

وأرجعت ذلك لشح وارتفاع أسعار الوقود، ونقص قطع الغيار.

وكشفت الشركة عن خروج كامل أسطولها عن العمل، لمدة 3 أسابيع متواصلة، خلال شهر يناير..

وحذّرت الشركة – حينها – من وصول مستوى إهلاك أسطولها لمستويات متقدمة.

وكشفت عن تجنيب 90% من دخلها لأغراض المحافظة على تشغيل 200 بص بالعاصمة الخرطوم.

تحقيق: محيي الدين شجر
صحيفة الصيحة