حيدر المكاشفي

يا صحافيو السودان..اتحدوا


العنوان أعلاه، مستلف من أحد أهم الشعارات السياسية للشيوعية وهو مأخوذ من البيان الشيوعي الذي كتبه كارل ماركس وفريدريك أنجلز سنة 1848، وهذا الشعار بنصه محفور باللغة الالمانية على قبر كارل ماركس في ألمانيا، وقد اقتضتنا ظروف اجازة مجلس الوزراء لقانون النقابات، وتسلم وزارة الثقافة والاعلام من اللجنة الاستشارية لإصلاح قوانين الإعلام فى السودان برئاسة الأستاذ محجوب محمد صالح، مقترحات مشروع قانون الإذاعة والتلفزيون وقانون الصحافة فضلاً عن قانون الحصول على المعلومة، أن نستلف هذا الشعار لندعوا المجتمع الصحفي للوحدة والاصطفاف حتى يقبلوا موحدين لتأسيس نقابة فتية وقوية وحرة وديمقراطية، خاصة وأن الوسط الصحفي السوداني مازال للأسف منقسما ومتشرذما وتسوده الخلافات بشأن تكوين نقابة الصحافيين، وما يزيد الأسف أن غالب هذا الخلاف ذاتي وشخصي وليس موضوعي، وهل من الموضوعية ان لا يتفق الصحافيون ويتواضعواعلى وضع النظام الاساسي لنقابتهم، وهل من المنطق ان يتنازعوا على تعريف من هو الصحفي الذي على ضوئه يتم حصر وتحديد عضوية الجمعية العمومية، لا والله ليس من الموضوعية في شئ ان يقع التنازع الذي يصل أحياناً مرحلة التشاتم والتنابذ حول شأن فني محض، والمنطق يقول أنه لابد من جهة أو جسم من الوسط الصحفي نفسه يبادر ويبتدر هذا العمل الفني ثم يطرح ما اجتهد فيه على جموع الصحافيين، ليجيزوه جملة أو يرفضوه جملة أو يعدلوا فيه، أما ان يتم رفض أية مبادرة في هذا الصدد بشكل مبدئي ودون الوقوف على تفاصيلها لابداء الرأي حولها، فذلك والله هو عدم الموضوعية واللا منطق، ولهذا التعنت وتمترس كل جهة عند رأيها وموقفها، ظل الوضع في الوسط الصحفي يراوح مكانه ويتصلب عند محطة (قف)، ولكن الان وبعد ان صار قانون النقابات على بعد خطوة واحدة من الاجازة الكاملة، ولا يفصل قانون الصحافة عن الاجازة الا مدة قصيرة، لم يعد مجديا تمترس الكتل الصحفية كل عند ما يراه، لابد لهم من الالتقاء واتخاذ خطوة الى الأمام تضع الحصان أمام العربة، كي يتمكنوا من الانطلاق وتأسيس نقابتهم الحرة المستقلة الديمقراطية، التي تتولى الدفاع عن مصالحهم المادية والمعنوية، وتعمل على توفير الأجر الذي يكفل ظروف معيشة مناسبة لأعضائها، وتحسين بيئة وشروط العمل، وبكلمة واحدة اعادة مهنة الصحافة الى وضعها اللائق كسلطة رابعة وللصحافيين حقوقهم المضاعة ومكانتهم التي يستحقونها، والمؤكد أن الصحافيين يتطلعون لأن تتجاوز بهم نقابتهم المنتظرة الأوضاع البائسة التي يعيشونها وهي أوضاع معلومة لديهم..
أما من جانب الحكومة فلا يكفي أن تصدر قانون للصحافة مهما كانت جودته، فالقانون وحده لا يمكن من انتاج صحافة حقيقية حرة وديمقراطية، فالصحافة كما تعلم الحكومة وخاصة الورقية تعاني مر المعاناة في اقتصادياتها، ونخشى ان ظلت هذه المعاناة قائمة دون ان تتدخل الحكومة لتخفيف وطأتها على الصحف، ان قانون الصحافة عند اجازته لن يجد صحفا وسيصير اسما بلا مسمى، وعليه يبقى على الحكومة ان كانت جادة في وجود صحافة حقيقية ان تسعى بجدية لتحسين أوضاع هذه الصحف، اما بالدعم المباشر كما تفعل الكثير من الدول، أو بطريق غير مباشر بالغاء أو تخفيض الرسوم على مدخلات الصناعة الصحفية التي تشمل الورق والاحبار وكل مستلزمات الطباعة، ولابد في هذا الخصوص أن نشير الى ضرورة وحدة الناشرين وتكوين الكيان الذي يمثلهم، فهم للأسف كما الصحافيين مختلفين ومتناحرين..

حيدر المكاشفي
صحيفة الجريدة