زاهر بخيت الفكي

مبادرة الريّس..!!


صراع محموم داخل الحوش السياسي بين المكون العسكري والمدني من جهة، وبين شظيات المُكون المدني من جهة ثانية، مع رواج أخبار عن خلافاتٍ داخل المنظومة الأمنية، ووجود قنابل لصراعات هُنا وهُناك قابلة للانفجار تحت أي لحظة، صراعات ظاهرة لا تحتاج لمن يؤكدها أبطأت في مجملها سُرعة الحكومة الانتقالية، شلّت حركتها وعرّقلت وصولها في الوقت المُحدد لها لانتخابات تتحقّق بها دولة المدنية والديموقراطية المنشودة، يتصارع هؤلاء وما منهم من أحد إلا ويمنّي النفس بإمساك بمقود السُلطة الانتقالية وتوجيهه نحو الطريق الداعم لشخصه وحزبه ومجموعته، ولنا في تجربة المؤتمر الوطني عبرة، انفرد بالسلطة وأقصى كُل من حاول الاقتراب منها.
خرج علينا الدكتور عبدالله حمدوك بمبادرة (نظرية) للحل بعد أن وجد نفسه مُحاطاً بكمٍ هائل من المُشكلاتٍ الموروثة المُعقدة، والتي أرغمته بعد دخوله في غابة السياسة الشائكة والتي ظنّها في البداية فرصة للسياحة على الاعتراف ضمنياً بفشل حكومته في تحقيق أهدافها، والاعتراف بعجزها في حلّحلة مشاكل البلاد الشائكة وفك عُقدها المتشابكة في اطلاق مبادرته لأجل لم الشتات والالتفاف حول وطن يقف اليوم في مفترقِ طُرقٍ تؤدي جميعها إلى نهاياتٍ بئيسة، مُبادرة وجدت الترحيب من البعض ورفضها البعض (المُشاتِر) بدون إبداء أسباب للرفض، كعادتنا على عدم الاتفاق على ما فيه مصلحة بلادنا مُنذ أن بارح المُحتل أرضنا، وقد أفسدت علينا الخلافات خُطط (الخُلّص) من أبناء هذا البلد وضيّعت علينا الكثير من المكاسب.
ما منٍ عاقلٍ مُحب لهذه البلاد يرفض المُبادرات (الجادة) التي تقود للحل وتصّلُح في المستقبل كأرضية ثابتة للوطن المُقيّد بسلاسلِ الفوضى للانطلاق، فقط يرفضها ويقف عقبة أمام نجاحها كُل من ألقت به (الصدفة) في ميدان السياسة، وحدثته نفسه بقيادة الغير بلا مؤهلات، وما أكثر هؤلاء بيننا اليوم ولن يقبلوا بمبادرة إن تحققت أهدافها ستجعل السودان كُتلة واحدة يصعُب عليهم بعدها الصعود إلى القيادة إلّا عبر أدوات ومعايير لا يملكونها ومؤهلات لا تتوفّر لدى غالب من ارتقى منهم إلى سطح المشهد السياسي في زمان الاضطراب والغفلة، ومن افترضوا في أنفسهم الذكاء والشطارة وافترضوا فينا السذاجة.
الكُرة في ملعبك ياحمدوك واعترافك بفشل حكومتك (فضيلة) لا وجود لها بين الساسة، وبداية مقبولة لتصحيح مسار البلاد الُمعوّج، مبادرة ممتازة من حيث الإنشاء والمضمون، ستصُب نتائجها في حال نجاحها في مصلحة الوطن الكبير، فقط تحتاج عند إنزالها إلى أرض الواقع إلى جدية ومتابعة بعد اجماع الناس عليها، وإلّا فمصيرها المحتوم هو سلة المهملات واللحاق بتلك المُبادرات الكثيرة الخالية من أي مضمون والفاقدة لأي سند التي ظلّ الساسة يُطلقونها كُل حين لتهدئة المواطن المأزوم، ويستخدمونها مطية لتحقيق مصالحهم الخاصة، فلا قيمة لها عند المواطن ولا فائدة منها للوطن، ولن يجتمع بها شتاتنا على صعيدٍ واحد.
اقنعوا المواطن بالعمل تجدونه خير مُعين لكم.

حيدر احمد خير الله
صحيفة الجريدة