على وين أكان الله هون ؟
(1 )
في مقالنا قبل الأخير بهذه الصحيفة الصادرة يوم 30 يونيو تساءلنا في آخر سطر عن المستشارين الذين أشاروا لحمدوك بمبادرة الثلاثاء 22 يونيو الذين أحدثوا هذا الانقلاب الخطابي لدى حمدوك وكان القصد من السؤال التركيز عليهم لانهم نقلوا خطاب حمدوك الى أرض الواقع , نقلوه من العلاج بالتفاؤل الى العلاج بالصدمة وقد كان ناجعا ولكننا فوجئنا في اليوم التالي للثلاثين من يونيو اي الفاتح من يوليو هذا أن قرارا صدر بزيادة سعر المحروقات هذا القرار الذي قال عنه وزير الطاقة انه سمع به من الإعلام . المفاجأة لم تكن في الزيادات لأن الزيادات اصبحت أمرا عاديا (زي الزبادي) لا ترفع حاجبا للدهشة انما في التوقيت، فالحكومة كانت خارجة من زنقة 30 يونيو وقالت ان الشعب أعاد تفويضها وخذل الداعين لإسقاطها فهل هذه مكافأة له ؟ هل هذا رد الجميل ؟ الأمر المؤكد بالنسبة لي ان الجهة التي أصدرت قرار الزيادة لا صلة لها بالجهة التي صاغت بيان 22 يونيو اي المبادرة . وهذا يشي بان اكبر أوجاع هذه الحكومة هو ان مركز اتخاذ القرار فيها مشتت وغير ثابت.
(2 )
تخطئ الحكومة خطأ قاتلا اذا ظنت ان عدم خروج الجماهير في مسيرات 3 يونيو و30 يونيو يعني تأييدا لها أو ان في ذلك درجة من درجات الرضا وما عليها إلا ان تواصل السياسات المنتهجة حاليا من خضوع للمؤسسات المالية الدولية وإهمال للجبهة الداخلية و… و… فكما قلنا بالأمس ان المواكب والمسيرات قد باخت فقد نفدت طاقتها في ثورة ديسمبر المجيدة والأهم ان المواكب تحتاج الى لوجستيات مكلفة لا يملكها الفراقاء السودانيون ومن يملكها لن يستطيع استعمالها، ففي الحتة دي أنا ما بفسر وانت ما تقصر، ولكن أخشى ما أخشاه ان يكون هذا الشعب قد أصيب باللامبالاة وزهد في التغيير الثوري او بالأصح صدم في التغيير الثوري، فان كان ذلك كذلك تكون البلاد قد أصيبت في مقتل وأصبحت فراغا سياسيا سوف يملأ من جهة لا يعلم كنهها إلا الله .
(3 )
نعم لم يغير 30 يونيو من الأوضاع السياسية في البلاد ومر مثله مثل اي عابر سبيل ولكن دون شك أن له ما بعده فمروره بهذه الطريقة يشي بالشيء الكثير لا بل لن نعدو الحقيقة كثيرا إذا قلنا انه خلق واقعا جديدا ولكن الخطورة في ان هذا الواقع قابل للتفسيرات والتأويلات المختلفة، ولكن الذي يهمنا تفسير الحكومة لهذا الأمر وما ستتخذه من سياسات بناء على ذلك الفهم لان فهم الحكومة وردة فعلها هي التي تقع على يافوخ الشعب أما تفسيرات وتأويلات الجماعات السياسية المتباينة فهذا أمر يخصها فمن أراد ان يفرح فليفرح، ومن أراد ان يشمت فليشمت، ومن اراد ان يحزن فليحزن فالذي يهم الشعب هو سياسات الحكومة التي سوف تبنى على الواقع الجديد هذا بافتراض ان 30 يونيو قد صنع واقعا جديدا . تخطئ الحكومة إذا تبعت فهم النشطاء السياسيين . في تقديري ان الجهات أو الجهة التي صاغت بيان 22 يونيو (المبادرة) هي الجهة التي لديها القدرة على فهم الواقع الجديد لأنه في تقديري ان تلك (المبادرة) هي التي لها السهم الأكبر في إيجاد هذا الواقع الجديد . على هذه الجهة تحضير هين الدقيق لتحويل المديدة الى عصيدة. ونواصل إن شاء الله.
عبداللطيف البوني
صحيفة السوداني