زهير السراج

السُم في الدسم !


* يكثر في عيد الاضحى اكل (الدكوة) أو (عجينة) الفول السوداني، وهي مناسبة أكرر فيها الحديث عن المخاطر الكثيرة التى تنجم عن الدكوة، هذه الاكلة الشهية اللذيذة!

* بصراحة وأقولها بكل ثقة، إنه لا توجد دكوة غير ملوثة، سواء التي تباع في أكياس البلاستيك أو في عبوات زجاجية انيقة، وهو ما وصلت إليه الدراسات العلمية في السودان وغير السودان، ولقد تطرقتُ من قبل لدراسة أجريت بكلية الصحة/ جامعة الخرطوم عن التلوث الغذائى في ولاية الخرطوم، أثبتت تلوث كل عينات (الدكوة) و(الكسرة) التي جمعت من الاسواق والبقالات وأماكن التصنيع والمصانع بالكثير من الميكروبات خاصة التى توجد في فضلات الانسان والحيوان وإفرازات الجهاز التنفسي والمخاط والأتربة، بالإضافة الى تلوث الدكوة بالسموم الفطرية الخطيرة المعروفة بـ(الأفلاتوكسين) التي تصنفها المراكز العالمية وإدارة الغذاء والدواء الأمريكية ضمن أخطر المواد المسببة لسرطان الكبد والجهاز الهضمى!

* ومن المستحيل حماية الدكوة من التلوث بالسموم الفطرية لسهولة تلوثها وتلوث الفول السوداني بالفطر من مرحلة الزراعة الى التخزين والتسويق ..إلخ، مما يعنى انه حتى لو اشترى الإنسان فول سودانى وصنع الدكوة بالمنزل، او اشترى عبوة (دكوة) أنيقة خالية من الميكروبات والسموم، إلا أن الفطر السام يستطيع التسلل إليها بكل سهولة بعد فتح العبوة حتى لو حفظت داخل الثلاجة، دعك من الطريقة التي تُصنع وتحفظ وتباع بها في الاسواق في بيئة تنعدم فيها أقل قواعد الصحة العامة ينتشر فيها الغبار والمخاط والافرازات البشرية وكل انواع الميكروبات!

* في حديث لاختصاصي أمراض الجهاز الهضمي المعروف (البروفيسور سليمان صالح فضيل) عن (سرطان الكبد في السودان) قبل عدة سنوات، ذكر ان أحد أهم اسباب المرض القاتل هو التهاب فيروس الكبد الوبائي (ب) الذى يمكن تفاديه بعمل فحص الدم قبل نقله للمريض وعدم استعمال الإبر الملوثة …إلخ، وان السبب الثاني هو الخطر الذى يأتي من (الفول السوداني) حيث أثبتت الأبحاث أن (الدكوة) التي يعشقها الشعب السوداني تحتوى على (20 ) ضعف المعدلات العالمية من (الفطر) المسبب لسرطان الكبد الذى لا تظهر أعراضه إلا في مرحلة متأخرة!

* بالإضافة الى ذلك، تكتظ (الدكوة )التي تباع في اكياس النايلون او حتى في العبوات الزجاجية الانيقة، بالميكروبات من مختلف الأنواع والأشكال، خاصة التي تصيب الجهاز الهضمي، وهو ما أثبتته الكثير من الدراسات ومنها دراسة حديثة اجريت بجامعة يورك بكندا، و تظهر اعراض بعض الامراض بعد فترة طويلة تجعل من الصعوبة الربط بينها وبين الدكوة، ما يضع الدكوة فوق مستوى الشبهات، فتبدو بريئة ولذيذة وشهية رغم مخاطرها العديدة!

* لا اريد أن افسد على الناس فرحة العيد، خاصة أنه يأتي في خضم ازمة المعيشية الطاحنة وغلاء الاسعار ولم يعد للناس سوى العيد لتذوق طعم الفرح، كما ان الدكوة هي الملجأ والملاذ لعدد كبير من المواطنين كغذاء شعبي أو مصدر للدخل، ولكن بما ان عيد الاضحى هو المناسبة التي يكثر فيها استهلاك الدكوة ، فهي الفرصة الأمثل للحديث عنها والتحذير من مخاطرها، حيث يكون السكوت بحجة عدم افساد الفرح ضربا من التحريض على إيذاء النفس وإلقائها في التهلكة!

* وبما انه لا يصلح أن اقترح على الناس شراء دكوة مضمونة خالية من التلوث، إذ لا توجد (دكوة مضمونة) حتى لو كانت محفوظة في علب من ذهب، وهو حديث قد يغضب البعض، ولكنها الحقيقة، وبالتالي فليس من نصيحة يقدمها المرء في هذا المجال سوى الحرص على الاقلال من اكل الدكوة الى اقصى حد، إن لم يكن بالإمكان التوقف عن ذلك !

* غير أنه لا بد للدولة أن تتدخل في مرحلة من المراحل، لتقنين صناعة وبيع الدكوة وإخضاعها للفحص الدوري المستمر كما تفعل الدول الأخرى، واستبعاد غير الصالح منها والحد من خطورتها بقدر الامكان، بالإضافة الى توعية الناس بمخاطرها!

صحيفة السوداني