تحقيقات وتقارير

الأحوال الجوية تعمق العلاقات بين مطاري أديس أبابا والخرطوم


رغم ما يلوح في أفق العلاقات السودانية الإثيوبية من تعكير على خلفية استعادة القوات المسلحة الأراضي السودانية في منطقة الفشقة بولاية القضارف التي كانت تحتلها اثيوبيا وما أعقب ذلك من خلافات حول الحدود، وعلى الرغم من الخلافات الدائرة والتي لم تنته بعد بين البلدين فيما يتعلق بقضية سد النهضة ظلت العلاقات السودانية الأثيوبية جيدة في إطارها الرسمي لدرجة أن السودان يفتح حدوده باستمرار لتدفقات اللاجئين الفارين من الحرب المندلعة بين الجيش الفيدرالي والتغراى يوميا ويقدم لهم الكثير بجانب المنظمات.. ولكن حدثاً فريداً بدأ منذ السابعة من مساء امس الاول وحتى منتصف نهار أمس ربما رسم الصورة الحقيقية والواقعية لدولتين جارتين تربط شعوبهما الكثير من الروابط الانسانية وعلائق الود.. اذ لم يجد طيارو الخطوط الجوية الاثيوبية ملاذاً آمناً بعد تعذر هبوطهم في مطار بولي بأديس أبابا لسوء الاحوال الجوية غير مدرج مطار الخرطوم لتحط على مدرجه 12 طائرة اثيوبية هبطت فيه اضطرارياً.

وبحسب مصدر من برج المراقبة بمطار الخرطوم تحدث لـ(الصيحة) فإن الأمر بدأ عادياً نحو السابعة مساء امس الأول عندما تلقى برج المراقبة وتسيير حركة الطائرات في الاجواء السودانية طلبا من ربان طائرة إثيوبية من طراز بوينج 787 يطلب فيه الهبوط اضطراريا في مدرج مطار الخرطوم لتعذر هبوطه في مطار بولي بأديس ابابا بسبب سوء الاحوال الجوية وهبوط امطار بكثافة تصحبها زوابع رعدية ادت لتدني مدى الرؤية لأقل من 800 متر فما كان من سلطات الطيران المدني إلا وان تعاملت وفق القوانين الدولية في مثل هذه الحالات الطارئة وسمحت له بالتوجه نحو مطار الخرطوم واتخذت كافة الاجراءات المتبعة في حالة الهبوط الاضطرارى حتى حطت الطائرة بسلام على ارض الخرطوم.

غير ان تلك الطائرة كانت تمثل فقط البداية لرؤية رأس الجليد فقد بدأت الطائرات تواصل بانتظام الاتصال ببرج المراقبة في الخرطوم وتطلب السماح لها بالهبوط ما جعل الوردية العاملة في برج المراقبة تعيش اطول ليلة قلق بينما تداعي للمطار القائمون على امر الطيران المدجني وادارة الخطوط الجوية الإثيوبية في الخرطوم لاستقبال القادمين من مطارات اوربية وعربية وآسيوية اذ كانت الطائرات التابعة للخطوط الجوية الاثيوبية متوجهة للعاصمة اديس ابابا قادمة من عدد من المطارات الاوربية الاسيوية، واستقبالهم ونقلهم لفنادق في الخرطوم ليصل عدد الطائرات قبيل شروق شمس الأمس الى 8 طائرات كانت جميعها من طراز بوينج 787 وهبطت جميعها بسلام.

ومن المؤكد فإن سلطات مطار الخرطوم تعاملت بمهنية عالية وفق ما يمليه الضمير الانساني والأعراف الدولية والقوانين العالمية التي تحكم حركة الطيران بين الدول وقال المهندس إبراهيم عدلان رئيس سلطة الطيران المدني في تصريح لـ(سونا) أن سلطات مطار الخرطوم قد تعاملت بمهنية عالية وبتنسيق تام مع كل الجهات ذات الصلة واستقبلت الطائرات الاثيوبية وقدمت لها كل الخدمات الفنية واللوجستية اللازمة حتى مغادرتها بسلام بعد تحسن الاحوال في مطار اديس ابابا دون ان تتأثر خدمات المطار وجداول طيرانها المعتادة اطلاقا.

مطار احتياطي

وربما تساءل كثيرون عن سبب هبوط الطائرات مطار الخرطوم في ظل وجود عدد من المطارات المؤهلة لاستقبال مثل هذه الطائرات الكبيرة داخل إثيوبيا خاصة في مناطقها الغربية القيبة من الحدود السودانية والتي ربما كانت الاحوال الجوية فيها مغايرة للوضع في اديس ابابا مثل مطار اصوصا ومطار قندر لكن حديث المهندس ابراهيم عدلان رئيس سلطة الطيران المدني ربما ازال وضع النقاط على الحروف وازال غموض اخيار مطار الخرطوم من قبل طواقم الطائرات الإثبوية فقد قال ان مطار الخرطوم يعمل كمطار احتياطي لمطار اديس ابابا في مثل هذه الظروف بموجب ترتيبات دولية متفق عليها.

اول مرة

ومن المؤكد أن الأحوال الجوية لم تجبر قط من قبل 14 طائرة اثيوبية على تغيير مسارها فعلاوة على الطائرات الـ(12) التي هبطت مطار الخرطوم كانت هناك طائرتان توجهت إحداهما نحو مطار جدة بالمملكة العربية السعودية وتوجهت الاخرى نحو جيبوتي وذلك ما اكده المهندس ابراهيم عدلان رئيس سلطة الطيران المدني الذي قال “لم يسبق من قبل ان استقبل 12 طائرة اثيوبية خلال ست ساعات” بيد ان الاجابة على تساؤل حول لماذا لم تتوجه الطائرات جميعها نحو جيبوتي او جدة قال مصدر من الطيران المدني ان الامر يحكم عادة بإمكانية وصول الطائرة بسلام لتلك المطارات وهذا يتوقف على المسافة التي قطعتها في رحلتها وكمية الوقود المتبقية لها وعدد من العوامل الاخرى التي تجعل الطيار هو من يقرر الجهة التي يتوجه اليها مبينا ان الخرطوم ربما تكون الاقرب لأديس ابابا لذا توجه الطيارون نحو مطارها.

مخاوف

وعلى الرغم من أن البعض ربط هبوط الطائرات في مطار الخرطوم بالحرب الدائرة في اثيوبيا الا ان الواقع أكد غير ذلك بعد مغادرة جميع الطائرات الى اديس ابابا تحمل كل ركابها بعد تحسن الاحوال الجوية هناك بما يسمح بهبوطها غير ان ما ذهبوا اليه ليس بعيداً عن الاذهان خاصة اذا ما تم ربطه بأن عددا من المناطق الاثيوبية المتاخمة للحدود السودانية عند ولاية القضارف تعيش توترات أمنية تخللتها معارك، ما أدى إلى تزايد وتيرة لجوء الإثيوبيين للسودان مرة أخرى.

وطبقاً لمعلومات “سودان تربيون” فإن إريتريا حشدت قوات مزودة بأسلحة قتالية داخل أراضيها وقرب نقطة حمداييت الحدودية التي تلتقي عندها الحدود السودانية الإثيوبية والإريترية وأقامت معسكرا حدوديا بالقرب من منطقة الديمة بمحلية ريفي ود الحليو التابعة لولاية كسلا وسط تحركات عسكرية لافتة في مناطق الديمة وتسني واللفة الحدودية المتاخمة لإقليم التقراي الإثيوبي والفشقة الكبرى بالسودان.

كما شهدت مناطق شهيدي وجلقة بإقليم الأمهرا الإثيوبي المحازي لأراضي الفشقة الصغرى بولاية القضارف، أمس الأحد، معارك عسكرية بين التقراي والكومنت أدت إلى وقوع أعداد كبيرة من القتلى، ما أدى لارتفاع تدفقات اللاجئين الإثيوبيين في مركز استقبال حمدايت يوم أمس الأحد إلى 35 لاجئاً مقارنة مع 3 لاجئين ليوم أمس الأول “السبت”.

تقرير: محجوب عثمان
صحيفة الصيحة