الجامعة العربية المفتوحة بالسودان .. سبع سنوات من ادمان الفشل ..!!

في الحلقة الماضية اوردنا جزء من التفاصيل الخاصة بالفشل الذي لازم الجامعة العربية المفتوحة ما جعلها لا تحقق النجاحات المرجوة عنها في السودان كما حدث في أفرعها في دول عربية مماثلة.
أن تسمعَ بالمعيديّ ولا تراه!!
تتدثر الجامعة العربية المفتوحة بالسودان بغطاء أنها جامعة ذات صبغة عالمية لها شراكة معقودة مع الجامعة البريطانية المفتوحة، ومع ذلك فان عدد طلابها لا يتجاوز نحو خمسمائة طالب في افضل الاحوال ، و لم تخرج الجامعة كذلك خلال سبع سنوات عجاف الا عددا ضئيلا جدا من الدارسين ، و لعل حاجب الدهشة سيرتفع لدى القارئ الكريم اذا علم أن ثمة جامعة محلية أخرى تتبني نمط التعليم المفتوح تستوعب أكثر من اربعين الف طالب علما بأنها لا تعقد اية شراكة مع جامعات عالمية اخرى و بالتالي فان السؤال الذي يطرح نفسه هنا بقوة هو لماذا فشلت هذه الجامعة ذات الصبغة العالمية – في استقطاب اعداد كبيرة من الدارسين بالسودان ؟
انه امر محير بالفعل و يستدعي حقا أن نبحث عن الاسباب التي أقعدت الجامعة عن ترسيخ اقدامها في البيئة المحلية ، و للإجابة على هكذا تساؤل يلزم بالطبع طرح عدد من الأسئلة الجوهرية الأخرى ذات الصلة بهذه المسألة من بينها السؤال التالي :
هل الجامعة بالسودان تلتزم فعليا بشروط معايير الجودة والاعتماد كما تحددها الجامعة الشريكة وهي الجامعة البريطانية ؟
و للأسف البالغ فان الاجابة علي هذا السؤال هي النفي ، حيث ان ما يجري حاليا داخل أروقة هذه المؤسسة لا يكاد ينبئ عن أي شيء خلافا للهرجلة الادارية و الأكاديمية و بالتالي فانه ليس بمقدورنا هنا و بحسب المعطيات المتوافرة لدينا الا ان نقرر أمرا واحدا و هو ان فرع الجامعة العربية بالسودان ليس علي التزام بأية ضوابط للجودة من شأنها إتاحة خدمة تعليمية ممتازة لطلابها و دعونا هنا- و حتي لا يبدو حكمنا صادرا عن الهوى – ان نحتكم الى دليل المعايير العامة للجودة والاعتماد الصادر عن رئاسة الجامعة بالكويت ، لنرى ما اذا كان فرع الجامعة بالسودان يلتزم بها فعليا أم لا ، وتجدر الاشارة هنا الى أن معايير الجودة المشار اليها تؤام حسب ما ورد في الدليل الارشادي معايير الجامعة الزميلة وهي الجامعة البريطانية المفتوحة ومن خلال القاء نظرة فاحصة على واقع الحال بالجامعة وهو واقع ملموس يعرفه راعي الضأن في الخلاء، نستطيع أن نقرر و بكل سهولة أن هذه المؤسسة تفارق المعايير العامة لجودة التعليم ودونكم الأدلة و القرائن و الشواهد .
الجودة الارشادي:
بحسب ما ورد في دليل الجودة الارشادي الخاص بالجامعة العربية ( الصفحة رقم 10) فانه من المفترض ان تشكل لجنة فرعية تضمن و تراقب عملية الجودة نفسها يترأسها مدير فرع الجامعة و تتألف عضويتها من ثلاثة اعضاء أخرين هم نائب مدير الفرع للشؤون الاكاديمية بالإضافة الي مدير وحدة ضمان الجودة و أحد اعضاء الهيئة التدريسية .
وحيث أنه لا يوجد وحتى لحظة كتابة هذا التقرير مدير للجامعة دعك عن نائب مدير للشؤون الاكاديمية فان هذه اللجنة بالغة الحيوية تعتبر بشكل عملي معطلة و لا وجود لها على مستوى الفرع و بالتالي لا يمكن الحديث عن لجنة للجودة في ظل خلو أهم منصب اداري و هو منصب المدير الذي من المفترض انه يترأس هذه اللجنة المناط بها مراقبة فعالية الاداء الاكاديمي و الاداري بشكل يوائم مطلوبات الجودة العامة .
ان الحديث حول الجودة بفرع الجامعة العربية المفتوحة بالسودان في الظروف الماثلة الان يصبح مجرد ضرب من حياكة الأساطير المؤسسة للوهم ، خصوصا اذا علمنا ان جل اعضاء الهيئة التدريسية الدائمين لا يتجاوز عددهم الاثنين او الثلاثة اشخاص فقط بعد ان اقالت ادارة الجامعة الحالية منسق الدراسات اللغوية بشكل تعسفي و اوقفته عن العمل دون ان يتقاضى حقوقه المشروعة، بل يصبح الأمر أكثر غرابة اذا علمنا ان اعضاء الطاقم الاداري لا يتجاوز عددهم اصابع اليد الواحدة بينهم مدير الموارد البشرية ( تأمل يا رعاك الله انه لا توجد اصلا موارد بشرية حتى يجعلون لها مديرا ) ولك ان تعلم عزيزي القارئ أن الرجل الموصوف هنا بصفة مدير الموارد البشرية هو من يتولى زمام الامور بصورة عملية و يتدخل حتي الشؤون الاكاديمية علما بانه ليس اكاديميا و لا تندرج مثل هذه الشؤون تحت دائرة اختصاصاته .
لا وجود للادارات المساندة
ان الصورة البراقة الزاهية عن المؤسسة التعليمية غير الربحية ذات الصبغة العالمية تصبح كصورة السحاب الخلب في جوف سماء كذوب أو كمثل سراب يحسبه الظمآن ماءا ، فكيف لمؤسسة تعليمية ذات شراكة مع احدى الجامعات المرموقة عالميا أن تقدم خدماتها ذات الجودة العالية في ظل اوضاعها الحالية المزرية ، فالكادر الاكاديمي غير مكتمل و لا وجود للإدارات الأخرى المساندة التي تدعم العملية التعليمية مثل مسؤول المكتبة ومصادر التعلم وليس هنالك فوق هذا و ذاك مدير لهذه المؤسسة يستطيع ان يضع الأمور في نصابها و كيف لجامعة مثل هذه ان تدعي انها جامعة تقود طلابها نحو افاق التميز العلمي و طلابها انفسهم يجأرون بالشكوى من تعثر سير الدراسة بالفصل الصيفي الحالي في ظل غياب منسق احدى البرامج الدراسية و كيف لجامعة تدعي صفة العالمية ان تدار فيها الامور بشكل عشوائي و تلاحقها عدد من الشكاوي و التظلمات في مكتب العمل و وزارة التعليم العالي من قبل منسوبيها السابقين . و دعونا نطرح جانبا مسألة عالمية هذه الجامعة و لنبحث امرا اخرا و هو هل من الممكن ان ينطبق وصف جامعة اصلا علي هكذا مؤسسة ؟
حقائق ماثلة:
من المعلوم لدى كافة المهتمين بالأمر أنه ليس لهذه الجامعة مبني خاص بها منذ انشاءها بقرار وزاري في العام 2013 و حتى اللحظة الراهنة ومن المعلوم ايضا ان مبني الجامعة الحالي مستأجر وهو مبني لا يمكن ان تنطبق عليه مواصفات المباني التعليمية التي من شأنها تهيئة بيئة تعليمية راقية للطلاب .. أليس من العيب ان تعجز ادارة جامعة عالمية رائدة في مجال التعليم المفتوح تنتشر فروعها في بلدان عربية اخرى بالغة الثراء عن شراء قطعة ارض بالسودان وتشييدها لمصلحة هذا المشروع أم انها تستخسر ذلك على السودانيين؟. انه حقا عجز القادرين على التمام . أليس ايضا عيبا في ادارة هذه الجامعة العالمية انها لا تكاد تبرع الا في فصل و تشريد العاملين بالفرع والتحايل علي القوانين و الأنظمة ؟
حتى الآن تعاقب على ادارة الجامعة خلال عامين فقط ، حوالي ستة او سبعة مديرين ، و قل لي ماهي مؤهلات مسؤول تقنية المعلومات في جامعة تتبني نظام التعليم الالكتروني ، أقل لك انها طالبة حديثة التخرج ، و من هو الشخص المسؤول عن مصادر التعلم بالفرع ، أقل لك الله و رسوله أعلم ، و من الممكن جدا يا أصلحك الله أن تسألني عن الحوكمة الادرية بالجامعة و انا علي استعداد لأن اقول لك بأن الجامعة بلا مدير و لا نائب للمدير و لا أمين للشؤون العلمية و لا منسق لبرنامج الدراسات اللغوية و لا وجود الا لثلاثة اعضاء هيئة تدريس فقط يقدمون الخدمة لأكثر من اربعمائة دارس تقريبا و لا أظنك ستسألني بعد هذا عن حال اللجان الادارية و العلمية المتخصصة فذاك استهبال بالطبع . أيعقل ان تكون هنالك لجنة للجودة و لجنة للامتحانات و اخري اكاديمية في هكذا ظروف و من الذي سيشغل تلك اللجان اذا كان اعضاء الطاقم الإداري و الاكاديمي مجتمعين لا يزيدون عن سعة الركشة الواحدة ؟
و اني لأرجو ان لا تسالني يا طويل العمر في هذه اللحظة عن الاسباب التي جعلت رئاسة الجامعة بالكويت تستدعي المدير الاسبق للجامعة و تسبغ عليه صفة غريبة و هي صفة المشرف على اعمال الفرع بعد اعفاء مديرة الجامعة السابقة بصورة مفاجئة و تعسفية . فتلك قصة أخرى لا يتسع المجال لها هنا حاليا و لكننا بالتأكيد سنأتي الي سردها كاملة في حلقة لاحقة .
و ماذا عن الطلاب ؟
لا شيء ..فقط مزيدا من البؤس والتعاسة في ظل الادارة الحالية ، و السلامة ليس بأفضل من حال شاعرنا الكبير محمد المهدي المجذوب حين قال :
شربتُ. لم أرَ كوباً أستجيرُ بهٍ
إلا الندامةَ آوتنيَ إلي العللِ …
ثم ماذا عن معالي المسؤولين بالتعليم العالي ؟
خروج
مدير الجامعة المكلف اتصل علينا بعد نشر الحلقة الأولى من التحقيق ووصف ما كتبناه بالفارغ ، وتوعدنا بالرد وبذلك يكون اقتصر لنا الطريق ونحن في انتظار رده (المليان) ، ونواصل.
أشرف عبدالعزيز
صحيفة الجريدة