هلا تحركت ياسيد حبريل ؟
(1 )
بالامس وصلنا إلى خلاصة مفادها بانه في سودان اليوم وفي هذة الايام الخريفية بالتحديد أن فئة الزراع من مزارعين و عمال زراعيين والذين قدرنا عددهم بسبعة ملايين من جملة سكان السودان هي الفئة الوحيدة التي تعمل الان بكل ما تملك من قوة حتى لاتفوت موسم الخريف وهي تقريبا الوحيدة التي تغذي الصادر(محاصيل +حيوانات ) وهي صاحبة القسط الاكبر في مجمل الناتج القومي الاجمالي وقلنا إن نهضة البلاد تبدأ من هؤلاء طالما ايقنا جميعا أن الزراعة بشقيها النباتي والحيواني وما يتبعها من تجارة وصناعة تحويلية هي قاطرة الاقتصاد السوداني . فالحمد لله أن الدولة لاتملك مزارع جماعية كما انه لاتوجد شركات ضخمة تمتلك الارض وتسخر فيها العمال فكل الارض الزراعية في السودان مملوكة للافراد وفي معظهما ملكيات صغيرة وهذا يعني أن اي دعم لها سوف يذهب إلى اكبر عدد من سكان السودان مما يكافح الفقر بصورة تلقائية (طبعا هناك من يرى أن الملكيات الصغيرة للارض تعيق التطور الزراعي لكن في تقديرنا العكس تماما هو الصحيح أن شاء الله سوف نعود لهذا الامر لاحقا )
(2)
زراع السودان اليوم يعملون في ظروف في غاية البؤس والشدة والدولة لاتقدم لهم ما يذكر ثم جاءت سياسة التحرير الاقتصادي التي انتهجتها الدولة مجبرة لتزيد الامر ضغثا على ابالة بالنسبة للزراع فأسعار التحضير والمدخلات بلغت ارقاما خرافية لا قبل لمعظم المزارعين بها لذلك لن نبعد النجعة اذا وصفنا الزراعة الآن في السودان بأنها تقليدية وهذا يعني قلة العائد منها ويكفي ان نشير هنا الى أن متوسط ما يناله الفدان السوداني من اسمدة ثمانية كيلوجرام بينما في مصر بلغ خمسمائة كيلو وفي اثيوبيا ثلاثمائة كيلو ناهيك عن قلة استخدام التقاوى المحسنة وانعدام المبيدات وصعوبة الترحيل لانعدام الطرق المعبدة هذا مع تسلط الدولة بضرائبها وجباياتها الكثيرة على حركة المحاصيل في تقديري ان ما يعانيه المزارع في السودان يمكن أن يسجل في موسوعة جنيس للأرقام القياسية
(3)
في مناسبة رفع الدعم عن جازولين الزراعة وهي خطوة صحيحة كما وصفناها في عمود الاول من امس لانه كان يذهب للسوق الاسود قال السيد جبريل ابراهيم وزير المالية ان الدولة سوف تدعم المزارع ولكن بشكل آخر يتمثل في رفع سعر منتجاته . و في ظني ان هذا الكلام مازال خاطرة في ذهن السيد الوزير ولم يتحول بعد إلى سياسة رسمية لكن في تقديري ان هذا الكلام يمكن ان يمثل حلا عاجلا لهذا الموسم الصعب على أن تتبعه حلول اخرى على المدى المتوسط والمدى البعيد . عليه نطالب السيد الوزير وبإلحاح ان يترجم تصريحه الي سياسة معلنة وذلك بان يجري دراسات عاجلة على الوضع الزراعي القائم ويحصر محاصيل هذه العروة ويعلن لها اسعار تركيز اليوم قبل الغد تلتزم بها الدولة منذ الآن حتى يطمئن المزراع بانه لن يكون فريسة للمرابيين والتجار الجشعين. لقد اثبتت سياسة اسعار التركيز نجاحها في محصول القمح لذلك يجب ان تعمم على كافة المحاصيل القابلة للشراء من قبل الدولة مثل القطن والزرة والسمسم وزهرة الشمس وغيرها . إن اسعار التركيز المجزية يمكن ان تكون قاطرة تجر خلفها التحضير الجيد والمدخلات وكافة التقانات فالحمد لله مزارع السودان اليوم ينطبق عليه المثل (العين بصيرة والحيلة قصيرة ) فهلا ساعدته الدولة بمباصرة الحيلة معه ؟
صحيفة السوداني