عبد اللطيف البوني يكتب: بس الجوية الما عرفتوها
(1 )
لقد كانت لنا مآخذ على توجهات وبرامج التلفزيون القومي في الفترة الماضية، وقلنا انه لم يرتفع لمستوى التغيير الذي أحدثته ثورة ديسمبر المجيدة، اذ استمر على ذات النهج التهريجي الذي كان سائدا في ظل النظام السابق مع استبدال الوجوه فقط اذ كان تلفزيونا حكوميا لدرجة قف فالاتساق يقتضي ان نقول إن هناك تحسنا من حيث المظهر والمخبر في برامج التلفزيون مؤخرا ، ولعل تطور المظهر كان أكبر مع تحول محدود نحو الموضوعية من حيث المحتوى، فتراجعت البرامج ذات الطابع التهريجي وظهر فيه بعض المقدمين المحترفين بدلا من الهواة الذين كانت تنقصهم الخبرة والدربة فأصبح يميل الى تلفزيون الدولة على حساب تلفزيون الحكومة، وهنا لابد من أن نشيد باهتمامه بالنواحي الاقتصادية وأكثر تحديدا بالزراعة مع بداية الموسم الصيفي .
(2 )
أكبر تطور حدث في التلفزيون يمكن ان نلحظه في نشرة الأخبار الرئيسية عند التاسعة مساء، والمعلوم ان هذه النشرة هي الأكثر مشاهدة وفي كافة العهود السياسية منذ أيام نميري الى البرهان / حمدوك مرورا بسوار الذهب/ الجزولي والصادق المهدي وعمر البشير وهي نشرة حكومية بنسبة كبيرة ومع ذلك استوقفنا تطورها الآن من حيث الشكل، اذ حدث تغيير شامل في استديو النشرة ومقدمتها ثم تقسيمها الى فقرات سياسية واقتصادية ورياضية وتناوب المذيعات والمذيعين الثلاثة عليها وطريقة التداول بينهم، باختصار كدا الشكل أصبح جاذبا الأمر الذي سهل متابعتها، أما المحتوى لم يتغير ولكن نتوقع بل نتعشم ان الشكل الجديد بمرور الزمن سوف يفرض تغييرا في المحتوى، فالانفتاح على الأقاليم مازال منحصرا على ما يجود إعلام الولاة ناقصا العصي المرفوعة ومازال الولاة سادرين في طق الحنك والخيام المنصوبة مع الساوندسيستم، فلم نشاهد واليا يفتتح او يدشن مشروعا تنمويا أو خدميا حتى الآن فلو اشترط التلفزيون مناسبات معينة لظهور الولاة فيه سوف يطور أداءهم دون شك، لأنهم يموتون في الظهور على الشاشة ليشاهدهم من عينوهم، فلو كانوا ولاة منتخبين لكان الأمر مختلفا.
(3 )
الفقرة المفقودة في نشرة التلفزيون وبشدة هي النشرة الجوية، فلسنوات خلون كنا نتابع النشرة الجوية على طول العام خاصة في مثل هذه الأيام لنرى الفاصل المداري أين وصل وبالتالي الطقس المتوقع ليوم الغد ونعرف أين هطلت الأمطار من اقصى الغرب والجنوب الى وسط البلاد الى شمالها، ونعرف مناسيب النيل وروافده. كانت النشرة الجوية أهم فقرة في النشرة ولكنها توقفت منذ زمن وكنا نتوقع عودتها مع التطور الذي حدث للنشرة مؤخرا لكن للأسف اكتفت النشرة بدرجات الحرارة في بعض المدن فقط . عليه نناشد السيد مدير التلفزيون والذي يقود الحركة التجديدية فيه الآن ان يولي هذا الأمر الاهمية التي يستحقها لأن ذلك يتناسب مع اهتمام البلاد المتزايد بالنواحي الزراعية، ومن ناحية نفسية بحتة فان النشرة الجوية نشرة مريحة لأنها تخبرنا بحقائق طبيعية ليس فيها جدال أو خلاف او قومة نفس، فمحتويات النشرة السياسية والاقتصادية والرياضية قد تسعد البعض وقد تشقي البعض على حسب موقف المتلقي من القضية، لكن الفقرة الجوية تتقبلها بنفس راضية لانها من عند ربنا لذلك توضع دائما في ذيل النشرة بمثابة مسك الختام، فأحسنوا الخاتمة يا ناس التلفزيون
صحيفة السوداني