تحقيقات وتقارير

تكررت عدة مرات التحري يغيب عن المحكمة .. مؤامرات تضييع العدالة

عندما صوب (العسكر) افواه البندقة في جسد محجوب التاج الذي يدرس بكلية الطب جامعة الرازي ليس لانه سارق او قاتل، بل لانه اراد أن يحمي زميلاته ويحفظ كرامتهن من عنف (العسكر)، عندما اردن أن يمارسن حقوقهن التي كفلتها القوانين الدولية وبالممارسة السلمية في التعيير عن رفضهن لسياسة النظام السابق، ودفع حياته ثمن لذلك.

قرار القبض
أمس الاول أمر قاضي المحكمة العامة زهير بابكر عبد السلام، بالقبض على المتحري الأول “شرطي” لغيابه لجلستين متتالتين عن المثول امامها لسماع أقواله في قضية محاكمة ضباط وأفراد من منسوبي جهاز المخابرات العامة في القضية مقتل الشهيد محجوب التاج .

واشارت المحكمة إلى غياب المتحري برغم من إعلانه بواسطتها ولمرتين متتالتين، وامرت المحكمة على ضرورة القبض على المتحري الاول وعدم الإفراج عنه إلا بضامن، وسيتم اخطار المدير العام لقوات الشرطة بشأن عدم انضباط منسوبيها وعدم مثول المتحري أمام المحكمة .

وبدأت في مبنى رئاسة المحاكم، وسط الخرطوم، الجلسة الأولى لمحاكمة 11 من ضباط وأفراد جهاز الأمن الوطني السابق، بتهمة قتل طالب جامعي أثناء حراك ثورة ديسمبر، وشهدت الجلسة حضورا كثيفا من اهل الشهيد والثوار وزملائه بالجامعة.

اصل السلطة
الخبير القانوني على ابو الحسن اشار في حديثه لـ(السوداني) الى أن التحري اختصاص اصيل من اختصاصات النيابة، وتقوم الشرطة بالتحري حاليا باشراف النيابة، مشيرا الى أن قانون الاجراءات القديم كان يعطي سلطة التحري الاولى للشرطة، بينما في القانون الجديد اصبحت الشرطة تمارس التحري باشراف النيابة النيابة .
وقال على إن ايجابيات الوضع الحالي، هو التكييف الصحيح للتهمة من جهة شبه قضائية هي “النيابة”، مشيرا إلى أنه في الجرائم السياسية يعتبر تم تغييبه.

قرار موفق
رئيس التحالف السوداني للمحامين الطيب العباسي يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى انه حسب الاجراءات فإن سماع المتحري من اهم مراحل التقاضي، وقال إن قرار القاء القبض على المتحري في قضية الشهيد محجوب التاج قرار موفق وسليم ولا يمكن أن يغيب المتحري لجلستين دون توضح اسباب، واضاف حتى إن كانت هناك اسباب قاهرة منعته من الحضور كان يجب إخطار المحكمة بذلك .
العباسي اعتبر أن غياب المتحري ادى إلى تعطيل القضية، ويجب توضيح الاسباب الجوهرية واذا كان المتحري يريد التنحي عليه إخطار المحكمة او اي اسباب اخرى .

وتابع : قضايا شهداء الثورة والقضايا الكبرى يجب أن تمضي اجراءتها بصورة سليمة، لان اي تعطيل او خلل لن يكون مقبولا لدى الرأي العام الذي يهتم بهذه القضايا ويطالب بتحقيق العدالة فيها بأسرع وقف، مشيرا إلى أن منظمات حقوق الانسان والمنظمات الحقوقية مهتمة بهذه القضايا، معتبرا أن عدم ابداء اي اسباب لغياب المتحري فيه قصور من الجهة التي ينتمي اليها، وقال يجب على المؤسسات الأمنية التي لها قضايا متعلقة بالرأي العام أن يساهموا في الاسراع في المحاكم .

شجاعة القاضي
ردود افعال واسعة بسبب غياب المتحري الاول عن المثول امام المحكمة دون ابداء اي اسباب، اعتبروا أن المتحري القضاء ولا بد من اعادة هيبتة، مشيرين إلى انه لا بد من محاسبته، لان غيابه كان له اثر سالب على اسر الشهداء، وعلى سير القضية .

الخبير القانوني د. معز حضرة اكد في حديثه لـ(السوداني) أمس، أن المتحري موظف دولة عامة يجب أن ينفذ اومر القضاء بالحضور، وقال إن غيابه عن جلسة رغم اعلانه، مخالف لقانون الشرطة، واضاف ” غيابه يمكن أن يدخله في جريمة اهانة المحكمة، وبالتالي يمكن للقاضي اعلانه بواسطة رئاسة الشرطة او الجهة الامنية التي ينتمي اليها .
حضرة اكد أن قرار القاضي بالقاء القبض على المتحري قرار شجاع، وكان لا بد من اتخاذه لهيبة القضاء، وقال إن غيابه يستدعي المحاسبة، واوضح انه اذا تعذر حضوره يمكن أن يكون هناك متحر ثان يقوم بالامر، مستدركا: غيابه اثر على سير القضية .

لا يؤثر ؟
مراقبون اشاروا إلى أن هذه الواقعة بها تفاصيل وظروف محيطة، لذلك من الصعب الحديث عن الاسباب التي منعت المتحري من المثول امام المحكمة، مشيرين إلى أن في مثل هذه القضايا المهمة عليه أن يخطر بأنه سيغيب عن الجلسة .
الخبير الشرطي عمر عثمان يذهب في حديثه لـ(السوداني) إلى أن غياب المتحري عن المحكمة ليس امرا جديدا وسبق أن حدث في كثير من القضايا، وقال لا اعتقد أن المشكلة لها ذيول سياسية .

وقال عمر إنه لا يريد أن يدافع عن غياب المتحري، واستدرك: لكن يمكن أن تكون حدثت مشاكل لوجستية منعته من الحضور، مشيرا إلى أن قضية مدبري الانقاذ هو ليس المتحري الاول (وعادي) يمكن أن يكون متحر ثان يقدم القضية.

واضاف: المتحري قانونا يعتبر شاهدا، لكن من خلال ما دونه في اليومية، بالتالي اذا تعذر حضوره يمكن أن يأتي متحر ثان ويقرأ اليومية المكتوبة، مستدركا: لكن الافضل أن يقدمها الضابط الذي دونها، داعيا إلى تجاوز الامر لانه لا يؤثر على سير القضية، وتساءل اذا المتحري توفي كما حدث في قضايا سابقة فهل القضية ستنتهي؟ بالتأكيد لا.
واشار إلى اهمية أن يكون هناك رد رسمي من الشرطة لغياب المتحري، يجب أن يكون للشرطة رد رسمي من الشرطة، ليس مبرر ويجب أن يكون له تفسير، وقال لا اريد أن ادافع عن المتحري، لكن ربما صدر الخطاب لكن لم يصل إلى الجهة التي ينتمي اليها المتحري او أن تم نقله او في دورة تدريبية خارجية، او ربما خرج وصل سن التقاعد، لانه منذ فترة التحري وحتى النظر فترة طويلة.

مطالبة بالقصاص
وطالبت والدة الشهيد محجوب التاج، وداد عثمان بضرورة أن تأخذ العدالة مجراها وقالت “لن نقبل الا بالمشنقة لهؤلاء القتلة المجرمين”، مؤكدة ثقتها في عدالة المحكمة وقضائها، مشيرة الى إلى انهم كانوا ينتظرون محاكمة قتلة ابنها.

يذكر أن بلاغ الشهيد محجوب التاج رفع إلى المحكمة في التاسع من يونيو الماضي، وتم فيه توجيه تهم تحت المواد (21، 130، 186) من القانون الجنائي في مواجهة (11) متهما من بينهم عميد وعقيد ومقدم ونقيب ونقيب بجهاز الأمن.
واغتيل الشهيد محجوب التاج لانه رفض بشجاعة ضرب واذلال زميلاته الطالبات وحاول حمايتهن فضربوه حتى الموت ثم سرقوا حتى متعلقاته الشخصية وحرموا اسرته من اخذ جثمانه الى المنزل واجبروهم على الذهاب للمقابر مباشرة وداهموا منزل الاسرة وحاولوا منع اقامة العزاء والترحم عليه

الخرطوم : وجدان طلحة
صحيفة السوداني