سابقة أردول
(1 )
من أركان الديمقراطية حرية التعبير، والتعبير أشكاله مختلفة يبدأ بالكلام (الساكت) الى ما ينشر في أجهزة الإعلام مرورا بمجالس القطيعة السياسية، فحرية التعبير هذه يجب عدم الاستهانة بها فهي تتيح الرقابة على أفعال المسؤولين وتجعلهم (يمشون على العجين ما يلخبطوه) لان أفعالهم كلها تحت الضوء . مراقبة أفعال وأقوال المسؤولين وكل ما يصدر عنهم هي التي تحمي حقوق العباد والبلاد ويجب ان تكون حرية التعبير محمية بسياج قانوني وإداري قوي اذ لابد من ان يستجيب النظام السياسي (الحاكم) لما يثار حول المسؤول وإخضاعه للتحقق، فان كان إشاعة يجب ان يعاقب من أطلقها عقوبة مغلظة حتى لا تبتذل حرية التعبير وان فيه شيء من الصحة يخضع الأمر للتحقيق والمحاسبة. وللدول الديمقراطية مؤسسات معتبرة للقيام بهذا الأمر كالأجهزة الأمنية او مفوضية مكافحة الفساد وكل الذي منه.
(2 )
حالف التوفيق السيد رئيس الوزراء في استجابته لما أثير حول السيد مبارك اردول باستدعائه ونشر خبر الاستدعاء على الملأ، أما نتيجة الاستدعاء فهذا قد يختلف الناس حولها ، فلرئيس الوزراء تقديراته التي هو مسؤول عنها والرأي العام كفيل على حمله على ان يفعل ما يحقق المصلحة العامة كما حمله على الاستدعاء، فالمهم انه لم (يعمل أضان الحامل طرشا) ولكن المؤسف ان هذا أول استدعاء استجابة لما أثاره الرأي العام وهو يمارس حرية التعبير فقد كان يجب استدعاء ومساءلة مسؤولين كبار كالذين تسببوا في انخفاض المنتج من الكهرباء من 5000 ميغاوات الى النصف والذين جعلوا قنوات مشروع الجزيرة تغمرها المياه الآن (بقملها) والذين تسببوا في إرجاع شحنات صادر الحيوان من جدة والذين جعلوا مصفاة البترول تصان في السنة كذا مرة بكذا مليون دولار والمتسببين في تهريب الذهب عبر المطار والمتسببين في إتلاف ،شحنات الأدوية في الشاحنات والذين مكنوا لشركة بالاسم بالتلاعب في الوارد و…. و،،، و.. باختصار الروح السائدة الآن ان المسؤولين الكبار في مأمن من المساءلة ناهيك عن العقوبة .
(3 )
الذي ندعو اليه هنا هو ان تكون سابقة السيد أردول بداية لعهد جديد من المساءلة والشفافية وهذا لن يتأتى إلا بالمؤسسية كان ينشئ السيد رئيس الوزراء مصلحة حكومية (مفوضية مكافحة الفساد) مثلا ، تكون مسؤوليتها متابعة كل ما يثار في أجهزة الإعلام والسوشيال ميديا وإخضاعه للتحقق واتخاذ الإجراءات الناجزة حوله فان كان الأمر إشاعة يجب معاقبة مطلقيها (جرائم المعلوماتية) وان هناك طق في الشق تبقى مافي يمة أرحميني . ان البلاد ليس فيها جهاز رقابي (البرلمان) وحتى ولو كان موجودا لا بل ومنتخبا فلن يقوم مقام الرقابة الشعبية ومن حسن حظنا في السودان ان ثقافتنا لا تعرف الأسرار لاننا مصنفون من ذوي القلوب البيضاء (كل ما على القلب على اللسان) لكن حتى ولو اسودت قلوبنا فقد تعلمنا الحفر والكيد أما اذا أصرت الحكومة على اللامبالاة بالرأي العام كما كانت قبل سابقة أردول وواصلت عدم اهتمامها بما تثيره المنصات الإعلامية ومجالس القطيعة السياسية وحملتها على انها مجرد إشاعات فلولية للنيل من الحكومة الانتقالية وأصرت على نهج (الجمل ماشي والكلاب تنبح) فستكون بذلك قد زهدت الناس في حرية التعبير وحصنت منسوبيها من مقاومة الفساد والنتيجة النهائية زهد الشعب في الديمقراطية و(اكان شالها كلب ما في زول بيقول ليهو جر) بعبارة ثانية اذا لم تعيروا نباح الكلاب اهتماما سوف تخطف الديمقراطية وسيمضي جملها إلى حتفه .
صحيفة السوداني