عبد اللطيف البوني يكتب: وعن التعاقدية نحكي
(1 )
قلنا بالامس إن القطن خرج من ميزانية السودان لسببين عالمي ومحلي اما العالمي فهي بواره بسبب دخول النفط في صناعة الملابس فتقلصت مساحاته في مصر والبرازيل والهند وغيرها ظل السودان يكابر لعدم وجود البديل فاستمر في انتاج القطن ولكن بالخسارة التي تحملها المزارع وحده دون الدولة وهذه قصة اخرى اما السبب المحلي فهو ظهور النفط في السودان فاهملت الدولة الزراعة واطلق المزارع رصاصة الرحمة على القطن ولكن في مطلع الالفية الثالثة ظهرت تحولات عالمية ومحلية نفخت الروح في القطن مرة اخرى عالميا بدا العالم يرجع للملابس القطنية ثم ظهور القطن المحور ذي الانتاجية العالية اما محليا فكان قانون مشروع الجزيرة 2005 فهو على علاته حرر ارادة المزارع مما مكنه من التعاقد مع القطاع الخاص وهنا ظهرت ما اصطلح عليه بالزراعة التعاقدية كنمط من انماط علاقات الانتاج المستحدثة في السودان
(2 )
بعيدا عن التنظير ناخذ السنوات الثلاث الاخيرة لنرى كيف فجرت الزراعة التعاقدية مع القطن المحور وراثيا ثورة زراعية حقيقية اذ فاق ما انتجته مائة الف فدان ما كانت تنتجه ستمائة الف فدان والاهم من ذلك ان الدولة لم تدفع ولامليما في هذا المنتج اذ كانت خالفة رجلا على رجل وتأخذ في ضريبة الماء والارض وارباح الشركات والقيمة المضافة حتى في المدخلات الزراعية بالاضافة طبعا لحصائل الصادر فالقطن كله محصول صادر اما اذا كانت حصائله لاتذهب لخزينة الدولة مباشرة فهذه يسال عنها الفساد الذي كان ومازال مستشريا . وهكذا رجع القطن بقوة وبفائدة مباشرة للمزارع ولم يعد مشروعا امبرياليا ولاعاملا من عوامل الافقار والمكضبنا وما مصدقنا يسأل المزارعين من امثال عبد الله يوسف من عديد البشاقرة وحق الله من التكينة وكمال حريز من دوريش وغيرهم من المزارعين الذين ركبوا آخر مويلات البكاسي وسخروها لزيادة الانتاج من المؤكد ان بعض القراء شاهد بعضهم عندما قدمناهم في برنامج سبت اخضر الذي كان يبث من قناة النيل الازرق
(3 )
ومع كل الذي تقدم يمكننا القول وبكل تأكيد أن تجربة الزراعة التعاقدية مازالت في بداياتها وبها الكثير من الثغرات وتحتاج إلى تطوير حقيقي وبعض الشركات اساءت للتجربة بعدم ايفائها بكل تعهداتها كما ان بعض المزارعين اساءوا للتجربة بعدم توريدهم لكمية القطن المتفق عليها في العقد وبيعها في سوق عندما ارتفعت الاسعار ففي اليوم العلينا دا مازالت الزارعة التعاقدية فاعلة ومازال التمسك بها مستمرا وعدد الشركات الداخلة فيها قد ازداد وتجاوزت القطن الي محاصيل اخرى مثل فول الصويا والفول السوداني وذات مرة قرر اسامة داؤد الدخول في زراعة الذرة الرفيعة في شمال الجزيرة ولكن لم ينفذ قراره رغم الترحيب الذي وجده من المزارعين والاهم من كل الذي تقدم ان المزراع واصل في تحرير ارادته ففي هذا الموسم نجد أن المزارعين الذين زرعوا على حسابهم اي بتمويل ذاتي اكثر من الذين تعاقدوا مع الشركات والفضل بعد الله في ذلك يرجع للشركات التعاقدية ومع ذلك نجد الآن من يحاول وقف الزراعة التعاقدية لكي تعود الدولة ممثلة في ادارة المشاريع الزراعية للتمويل لتعود البيروقراطية وجناب المفتش والفساد (شركة الاقطان) واتحادات المزراعين والديون واعفاء الديون والذي منه ولكن صدقوني ان ما مضى لن يعود وان البعاتي خرافة ولكن يمكن تعطيل النجاح الماثل الآن والحاقه امات طه وغدا نفصل اكثر ان شاء الله.
صحيفة السوداني