قبل الندم..!!
إليكم ……………….. الطاهر ساتي
:: ما سمُّوها بالمحاولة الانقلابية، لاتزال بلا تفاصيل .. وليس هناك من جديد، غير معلومة خصَّ بها وزير الدفاع ياسين إبراهيم وكالة السودان للأنباء بالنص : ( التحريات الأولية للمحاولة أشارت إلى أن الهدف منها كان الاستيلاء على السلطة)..وهي معلومة تُذكرني بدراسة أجراها بعض ذوي الخيال الواسع، فبعد جولات ميدانية ودراسة حالات، قدموا ورقتهم العلمية لأستاذهم مُذيلة بنتيجة نصها: (هذا وقد أثبتت الدراسة أن أكثر النساء عرضة للولادة هنَّ النساء الحوامل).
:: فمن البديهيات أن يكون الاستيلاء على السُلطة هدف الانقلابيين، ولا نظن بأن هناك من ينتظر معلومة كهذه بعد يوم حافل بالقلق على مصير البلاد وشعبها .. فالشعب المصطلي بنيران الانقلابات بحاجة لمعرفة من هؤلاء المغامرون؟، ولأي حزب ينتمون؟.. فالشاهد أن وراء كل انقلاب عسكري حزب سياسي، فأي حزب سياسي يقف وراء هؤلاء؟، وأليس غريباً ألا يكون في المعتقلين مدنيٌ؟..كل هذه الأسئلة وغيرها بحاجة لإجابات واضحة، إن كان فعلاً ( زمن الغتغتة والدسديس انتهى ).
:: ثم يبقى السؤال المهم، ماذا لو نجح الانقلاب؟، أي ماذا لو لم يُحبطه ( حجو الأبا يذيع البيان) كما يقولون؟..ما الذي كان سيحدث؟، ومن المتضرر؟.. لو نجح لكان انقلاباً على العسكريين، وليس المدنيين المنقلب عليهم منذ التوقيع على ( وثيقة الشراكة)، ولكنهم لايشعرون أو يخدعون أنفسهم والشعب.. وبالمناسبة، سعادة المكون المدني بفشل الانقلاب يُذكرني بسعادة المحامي عندما حكم القاضي على موكله بالإعدام، بحيث قال لموكله فرحاً : ( والله لو ما أنا القاضي دا كان قطعك حتة حتة).
:: وعليه، ليس من السهل أن يقنع من يدّعي تمثيل الثوار – قوى الحرية – بعدم وقوع انقلاب على الثورة..فالانقلاب قد وقع، ونجح، بعلم زعماء قوى الحُرية وموافقتهم، مقابل أن يكونوا وزراء ومُديرين في الحكومة وشركاتها.. ويوم 17 أغسطس 2019، بقاعة الصداقة، تحت سمع وبصر العالم، عندما احتفلا بالتوقيع على ( الوثيقة الدستورية)، لم يكن هذا الاحتفال إلا اعترافاً لكل طرف بالآخر صانعاً للثورة والتغيير، ثم شريكاً في ما سموها بحكومة الثورة.
:: قوى الحُرية لم تكن منتخبة عندما اعترفوا بها، لتكون (ممثلة للثوار)..ورغم أنها غير منتخبة، لم تُحسن تمثيل الثوار، بل مثلت بهم وباعتهم في وضح النهار، وذلك بموافقتها على أن يكون المجلس العسكري شريكاً في (حكومة الثورة)، و- كمان – رئيساً لأعلى سلطة سيادية، وهذا ما يُسمى عطاء من لايملك لمن لا يستحق.. والآن سواسية كلهم في ( التسلق).
:: وقالها نائب رئيس السيادي مخاطباً مناسبة اجتماعية : (لا البرهان مُفوّض، ولا حميدتي مُفوّض، ولا قوى الحرية والتغيير)، وقد صدق.. وإن كان ذلك، أي بما أنكما – قوى الحرية والمجلس العسكري – غير مفوضين ولا منتخبين، فيبقى تساؤل أمير الشعراء أحمد شوقي مشروعاً:
إِلامَ الخلف بينكم إِلامَ *وهذي الضجة الكُبرى علامَ
وفيم يُكيد بعضكم لبعض *وتُبدون العداوة والخصامَ
:: وعلى كل، بما أنهم – عساكر ومدنيين – فرضوا أنفسهم على الناس والبلد، فالمطلوب الوعي وتحويل السُّلطة لخدمة الناس، وليس من أجل (قسمة الكراسي)، ثم تأسيس شراكة مثالية، وليست كتلك التي كانت بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية في حكومة نيفاشا التي ساهمت في انفصال الجنوب وتردي الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية.
:: فالفترة الانتقالية محفوفة بالمخاطر، والتي منها الانقلابات الحقيقية والصراعات الدموية.. سارعوا إلى استكمال هياكل الدولة، وإصلاح القوانين والمؤسسات، ثم تهيئة المناخ للانتخابات، بحيث يختار الشعب حكومته بمنتهى الحُرية والديمقراطية.. ولكم أن تعلموا بأن مصيركم ( واحد)، ومن الأفضل لكل طرف أن يحمي ظهر الآخر.. فالحركة الإسلامية لا تنسى ولا تسامح ولا تستسلم، فانتبهوا – أيُّها الشركاء – قبل أن تندموا..!!
صحيفة اليوم التالي