مقالات متنوعة

أحمد يوسف التاي يكتب: “التوم” أند “جيري”


(1)

الأحوال المعيشية للمواطن السوداني لم تَعُد تُحتمل وحالته اليوم وهو يكابد الغلاء والضائقة المعيشية وإنعدام الدواء والخبز والأمن والأمل، كمن يمشي حافياً على الجمر ويحمل أثقالاً تنوء بحملها “جمال الشيل”، وكلما مرّ يوم على الأزمة المتصاعدة بين الأطراف المتصارعة تضاعفت آلامه وأوجاعه … ونتاج هذا كله يعني عجز النخب السياسية المتصارع عن إجتراح الحلول…الحال التي وصل إليها الشعب السوداني الذي يتضور جوعاً ، ويتقطع ألماً وهو يرى أطفاله يعانون آلام المسغبة يستدعي الجميع لمواجهة الأزمة بكل تجرد ونكران ذات لرفع هذا الحمل الثقيل عن كاهل المواطن ،التعاطي مع الأزمة بشكل مختلف، إذ لابد من إيجاد حلول عاجلة وتقديم التنازلات من جميع الأطراف..ولكن كيف؟…

(2)

عندما كان الشارع السوداني موحداً كان الرهان عليه في حسم الأمور أمراً لافكاك منه ولابديل له ولاحياد عنه ، وقد رأيتم مافعله الشارع الموحد في 30 يونيو 2019م حيث أعاد الأمور إلى نصابها وإنتزع ثورته من بين أيدي المتربصين والمتآمرين، ولذلك كان الشارع هو الحل الوحيد، لكن الآن للأسف الشديد بشكل أو آخر إنقسم الشارع ولو بنسبة ما وشكّل واقعاً لابد من التعامل معه بعقلانية وتفكير مسؤول مهما كان الرأي في هذا الحشد المعتصم بالقصر الجمهوري…

مهما إختلف الناس ومهما كان رأيهم في هذا الشارع الجديد وطريقة استجلابه وحشده فقد أصبح جزءً من الأزمة الراهنة، وحل الأزمة يستدعي النظر في كل أطرافها وزواياها خاصةً وأن هذا الواقع الجديد الذي فرض نفسه جزء من الحرية والتغيير… وغداً ستخرج حاضنة جديدة وشارع جديد يقف وراؤه الحزب الشيوعي وتجمع المهنيين…

(3)

في ظل الإنقسام الحالي في الشارع ،يظل الإستقواء بالحشود سواءً أكانت تلقائية أو مصطنعة والتمترس حولها والإحتماء بها يظل جزءً من تعقيدالأزمة، ونحن الآن نتحدث عن حلول اسعافية عاجلة لإدراك المواطن السوداني في رمقه الأخير فماعاد يحتمل كل هذا العراك حول الكراسي والمحاصصات… توظيف الشوارع والضغط بها في ظل الإنقسام والتشرذم الحالي لاينتج حلولاً عاجلة فلابد من النظر للمشكلة بشكل مختلف…إذاً ما العمل؟.

(4)

قبل كل شيء لابد من تسليط بصيصٍ من الضوء على تعقيدات المشهد الآن كي تسهل الحلول … الخطاب السياسي والإعلامي لمجموعة “منصة التأسيس” خطاب مقبول وموضوعي إلى حد ما ،لكن تظل البؤرة المظلمة فيه دعوة القوى التي كانت جزءاً من النظام المخلوع حتى الحادي عشر من إبريل للمشاركة، والأمر الثاني غياب الحساسية تجاه ظهور الكوادر الوسيطة للنظام المخلوع من الصف الثالث والرابع والخامس داخل ميدان الإعتصام، وبصمات الحزب المحلول التي تظهر من خلال دعوة العسكر لاستلام السلطة، ومع ذلك يمر كل ذلك دون حتى تنبيه من قادة “المنصة” وهم يدركون مدى حساسية وتقاطعات ذلك وتناقضه مع شعارات الثورة مما يخصم الكثير من ذلك الخطاب الذي قلنا أنه موضوعي وعقلاني…هذه الدعوة أيضاً تضع المكون العسكري في قفص الإتهام والتنصل عن تسليم السلطة للمدنيين في الوقت المحدد…

(5)

المجموعة المهيمنة على قوى الحرية والتغيير هي الأقرب وجدانياً للثورة والثوار الذين دفعوا ثمن التغيير وقدموا الشهداء لكن للأسف هذه المجموعة لم تقدم رجال دولة حقيقيين من حيث منهج تفكير رجال الدولة والخطاب المتوازن والموضوعي إذ استعصى على تلك القيادات خروج خطابها من عباءة الناشط الثائر الذي يلقي الكلام دون أن يحسب نتائجه، ولذلك لم يخرج خطابها السياسي والإعلامي من دائرة التعبئة وتجييش المشاعر، وردة الفعل المتعجلة والمتحمسة..

(6)

الخطاب الإعلامي والسياسي هو بمثابة الثيرمومتر الذي تُقاس به درجة سخونة الساحة وحلبة الصراع هبوطاً وإرتفاعاً وتحليل المشهد، وتأثير ذلك الخطاب على درجة التصعيد والمواجهة، ورب كلمة طائشة من مسؤول تلقي بظلال تكلف الدولة الكثير ، ويدفع ثمنها الأبرياء وتترتب عليها خسائر في الأرواح والأموال وتعطل دولاب الدولة وتحدث شللاً تاماً في الساحة… اللهم هذا قسمي فيما أملك..

نبضة أخيرة:

ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

صحيفة الانتباهة