تحقيقات وتقارير

الكهرباء والبرمجة .. غياب المعالجات لتلاشي الأزمة المتجددة


وفقاً لمعلومات تشير إلى أن أكثر من 50% من سكان البلاد لم تصلهم الكهرباء أو ربما النسبة أكبر من ذلك نظراً لزيادة التنمية العمرانية في الآونة الأخيرة وكذلك لمساحة البلاد الواسعة، وبما أن افتقار البلاد للمنشآت الصناعية الكبرى الشيء الذي يجعل استهلاك القطاع الصناعي من الكهرباء محدوداً للغاية، وكانت الفترة السابقة شهدت البلاد استقراراً نسبياً في الإمداد الكهربائي خاصة في القطاعات السكنية، لكن لم يظل خلال الأيام الماضية بذات القدر من المد الكهربائي، وظهرت للعيان عودة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة خلال اليوم، ومع ذلك يعاني أيضاً من هذا الانقطاع الكهربائي أهم وأبرز قطاعين التجاري والصناعي، ومن المتوقع أن يتأثر الأخير بسبب عدم استقرار المد الكهربائي، وبحسب تأكيدات رسمية أن وراء ذلك أعطاب طارئة.
وعلى هذا المنوال تزايدت المخاوف من تذبذب التيار الكهربائي جراء عودة البرمجة من جديد رغم التطمينات الرسمية حول ذلك.

قطوعات مستمرة؟؟
وبحسب متابعات لـ(اليوم التالي) يعاني القطاع التجاري من قطوعات متطاولة تمتد يومياً لعدة ساعات مما يعيق استمرار العمل خاصة في الأعمال التي تعتمد على الكهرباء في تشغيل آلياتها وتضطر المتاجر والشركات لإغلاق أبوابها بسبب غياب التيار الكهربائي فيما تعمل بعضها عبر تشغيل مولدات خاصة لتوفير الكهرباء مؤقتاً لحين عودة التيار، أما بالنسبة للقطاع الصناعي فهو المتضرر الأكبر نظرا لاعتماده على الإنتاج وبالتالي فإن أي توقف يؤثر سلباً على المصنع، كما يؤدي غياب الكهرباء لسداد أجور العمالة دون إنتاج فعلي، ما يعد هذا الأمر خسارة مباشرة.

خسائر كبيرة..
مسؤول في مصنع للحلويات بالخرطوم، فضل عدم ذكر اسمه، قال لـ(اليوم التالي) إن استقرار التيار الكهربائي أمر مهم للغاية، وغيابها يتسبب في حدوث خسائر كبيرة، في ذات الوقت يشير إلى أن تكلفة تشغيل الكهرباء الخاصة عبر المولد تحتاج إلى وقود وبأسعار عالية، وواصل قائلاً: في هذه الأخيرة نضطر إلى زيادة سعر المنتج لأن التغطية للتكلفة لا تكون إلا عبر هذا الخيار.

عجز الإداري..
وبعد تعثر مشروع الربط الكهربائي مع مصر في العام الماضي تأزم موقف البلاد في توفير الطاقة، ثم بعدها فاقم وقف كهرباء الجانب الإثيوبي من صعوبة المهمة وجعلها أكثر صعوبة من ذي قبل، رغم أن الطلب على الكهرباء في السودان قليل مقارنة بحجم المشتركين فعلياً في الخدمة من جملة السكان، وقياساً على ذلك يؤكد لـ(اليوم التالي) مصدر بقطاع الكهرباء أن السبب في استمرار القطوعات يكمن في تجاهل الإدارات المتعاقبة لخطط التطوير التي قدمها الفنيون والمهندسون منذ أكثر من (6) سنوات دون أن تتبنى الوزارة تطبيقها، وتابع قائلاً إن شركات الكهرباء تعاني من قلة المورد البشري المتمثل في المهندسين والفنيين بما لا يتناسب مع حجم الأعطال في الشبكة بجانب نقص الآليات مثل الكرينات والبطاحات وعربات الطوارئ وكذلك ندرة في مواد العمل من أسلاك وكوابل وعدادات، وأكد عدم تنفيذ خطط التحسين المرفوعة في السنوات السابقة لفك اختناقات الشبكة،
ويقول المصدر إن أزمة الإمداد الكهربائي تعتبر مظهراً من مظاهر العجز الإداري عبر إفراغ الشركات من الكفاءات وتسخير قدرات قطاع الكهرباء لصالح أفراد كانوا خصماً على إستقرار مؤشرات الإمداد وإنسياب الخدمة، فأدى الأمر الى فقدان الثقة بشكل شبه كامل في الخدمة المقدمة للمواطن.

اهتمام الوزارة..
فيما أرجع خبراء ومختصون في حديثهم أسباب الفجوة في إنتاج الكهرباء لعدم كفاية مصادر التوليد القائمة وعجزها عن توفير الكميات المطلوبة من الكهرباء، وهنا يشير المحلل الاقتصادي، محمد النيل في حديثه لـ(اليوم التالي) الى قلة اهتمام الوزارة ببقية مصادر التوليد الأخرى مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقات المتجددة التي يمكن أن تسهم في سد فجوة الطلب المتزايد على الكهرباء، وأوضح: تعمد الجهات المختصة لتلافي هذا النقص باتباع نهج الترشيد الإجباري أو عودة البرمجة من جديد.

الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي