تحقيقات وتقارير

تسول الأجانب.. اختراق عبر بوابات خلفية !!


الشرطة : القوانين موجودة لكن الإمكانيات ضعيفة
يصعب القبض على المتسولين وهم سبب زيادة الجرائم
سلوك المواطن السوداني تجاه الأجانب فيه جهل وعدم معرفة

انتشر في الآونة الأخيرة بالعاصمة السودانية الخرطوم وبعض المدن ظاهرة تسول الأجانب، منتشرين في تقاطعات الطرق، ومداخل دور العبادة والمستشفيات، والمؤسسات العلمية، وتجمعات المواصلات، إلى جانب الأسواق والأماكن العامة، ومنهم من يطرقون حتى أبواب البيوت بالأحياء، دون حياء.
ويستخدم المتسولون أساليب عديدة، منها المباشر وغير المباشر، كالطلب الصريح للمساعدة، أو باستخدام المستندات، أو تلاوة القرآن والمدائح والقصائد النبوية، أو بحجة ظروف طارئة واستدرار العطف بحمل الأطفال الرضع، أو استصحاب آخرين من ذوي الاحتياجات الخاصة والتشبث بملابس المارة، فضلاً عن أساليب غير مباشرة كمسح زجاج السيارات، وتسوية الحفر في الشوارع، وطلب مقابل لذلك من أصحاب السيارات.
ويعد بعض المختصين أن التسول له أغراض أخرى ولم يكن الهدف فقط الفقر أو الحاجة إلى مال، بينما هي عصابات منظمة.

التسول أخطر القضايا :
الباحثة الاجتماعية الأستاذة ابتسام محمود؛ قالت ل اليوم التالي إن التسول يعد من أخطر القضايا، ويرتبط بالعديد من القضايا الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وتسول الأجانب في السودان له خطط وبرامج، وذكرت عن تجربة ودراسة لها؛ وجدت أن تسول الأجنبي في السودان له أهداف اقتصادية، ودوافع أخرى؛ لأن عوائده التسول كبيرة .

رجال مخابرات
وقالت ابتسام: في ظل الظروف التي يعيش فيها السودان قد يكون المتسولون الأجانب رجال مخابرات لأجل أخذ المعلومات عن السودان، وأسهل طريقة هي أن تتخفى في شكل متسول نسبة لنظرة الآخرين للمتسول بنظرة الرأفة والشفقة للمتسول، ولأنه لاتحوم حوله شكوك أو شبهات فلا يشك بأنه رجل مخابرات .

وأشارت ابتسام إلى أن التسول ظاهرة خطيرة، هناك متسولون أعمارهم (٣) سنوات في الطرقات، مهددون بالخطر والتعرض إلى حوادث سير أو إلى تحرش وعنف لفظي . وأضافت أن التسول وجه غير مشرق للسودان ووجه غير حضاري.

مهدد أمني :
وذكرت ابتسام أن السودان دوله مترامية الأطراف أصبح جاهزاً لأن يكون به حروب أهلية. و تسول الأجانب له مهددات أمنية مثل تهريب البشر واستغلالهم في عمليات إرهابية والجرائم العابرة للحدود مثل المخدرات والسلاح والتطرف الديني وفي النهب والاحتيال وغسيل الأموال والتزوير والشعوذة وجرائم النظام العام والجرائم الموجهة ضد الدولة ، لافتة إلى أن هناك تقارير تشير إلى زيادة في معدل الجرائم المرتكبة بواسطة المتسولين الأجانب مما يعد خطراً على المجتمع السوداني. وقالت لابد من قانون ومحاسبة للمتسوّلين والمشرّدين الأجانب، ومعرفة أسباب إنتاجهم للتسول في السودان.

طرد المتسوّلين
وذكرت ابتسام بأن السودان أصبح متدهورآ اقتصادياً، وعديد من المشاكل الكثيرة المتصلة بالتنمية والتهميش والنزوح والحرب جعل كثيراً من الحدود لايوجد بها رقيب لمتابعة النازحين.

مضيفة أنّ “المؤسسات المسؤولة عن حل أزمة المتسوّلين والمشرّدين لن تحلّ إلا بالنظر في جذور المشكلة موضحة أنّ القوانين وحدها لا تكفي لتعديل سلوك الفرد، وعلى السلطات بكل آلياتها طرد المتسوّلين وإبعادهم وتغريمه.
والتشرّد والتسوّل نتيجة عوامل عديدة منها الهجرة والنزوح والتفكك الأسري ، بالإضافة إلى تنفيذ الدولة التزاماتها بالحدّ الأدنى. أمّا الحلّ، فيكمن في معالجة أصل المشكلة والمساعدة في استتباب السلام الاجتماعي وتقوية المهارات النفسية والقضاء على الرغبة في التسوّل بأشكاله المختلفة، وعلى القانون التعامل مع الأشخاص الذين يتّخذون من التسوّل مهنة، خصوصاً الأجانب بعقوبات رادعة، وقالت بأن التسول مسؤولية الرعاية الاجتماعية، ولكنه قضية حكومة ودولة، أكثر من أن تكون اجتماعية فقط وعليهم عمل دراسة وإرجاع جميع المتسوّلين وإبعادهم إلى بلدانهم .
عدم الرقابة
وفي ذات السياق، قال المحامي الأستاذ مجاهد عثمان ل صحيفة (اليوم التالي)بأن السودان بلد مترامي الأطراف، ويتداخل مع كثير من الدول ويوجد بها سهول واسعة مما يجعل من السهل دخول الأجانب عبر الحدود دون رقابه تذكر.

مسؤولية الحكومة:
وقال مجاهد؛ لابد من وجود رقابة من وزارة الداخلية و الأمن الداخلي، وأن يتم تقنين دخول الأجانب إلى السودان قانونياً، من خلال تسجيل بياناتهم وجمع جميع معلوماتهم ومعرفة دولهم التي أتو منها ومعرفة أسباب دخولهم إلى السودان، لافتاً إلى أنه إذا لا يوجد سبب للإقامة لابد من ترحيلهم فوراً إلى بلدانهم، وفي وجود هدف من دخولهم اذا كان العمل أو التعليم أو السياحه لابد من وجود إقامات لهم وفقاً للوائح والقوانين الداخلية.
وقال لابد من التعامل مع اللاجئين عبر قنوات معينة يتم التعامل عبرها (المعسكرات ) حتى يتسنى لهم الاستفادة من مؤن ومعينات المجتمع الدولي.
وذكر بأن واجب المجتمع الدولي أن يتم دعم اللاجئين المتواجدين بداخل المعسكرات، ويتم دعمهم بشروط اللجوء المعروفة عالمياً .
واذا كان وجود الأجانب غير رسمي؛ فلا واجب للمجتمع الدولي تجاهم.
وقال بأن وجود المتسولين الأجانب في السودان سببه الحكومة السودانية التي تسمح لأي أجنبي بالدخول دون قيود.

جهل المواطن:
وقال مجاهد بأن سلوك المواطن السوداني تجاه الأجانب فيه جهل وعدم معرفة بطبيعة المواطن السوداني، وذكر بأن المواطن السوداني هو الذي يساعد على دخول الأجانب بطرق غير شرعية بمقابل أو دون مقابل.
ارتفاع معدل الجريمة
مؤكدًا بأن وجود الأجانب بصورة غير رسمية سبب ارتفاعاً لمعدل الجريمة، مما أثر بالمرافق العامة، مسبباً ضغطاً على الصحة والتعليم والعلاج والعمل وفرص الترحيل والمواصلات، وضغط على جميع الخدمات حتى الغاز والكهرباء وارتفاع الإيجارات و نقل الأمراض المعدية و نقل ثقافات تضر بالمجتمع السوداني. كل هذه مخالفات ناتجة عن الدخول غير الشرعي.
وفي حالة وقوع جرائم منهم يصعب القبض عليهم والتعامل معهم، متأسفاً على القانون السوداني ووجوده شكلاً دون تطبيق.

الاتجار بالبشر :
ومن جانبه، ذكر المحامي استاذ الفاضل عوض أن دخول الأجانب للسودان تحكمه ضوابط وقوانين مسؤولة عنها شرطة الأجانب، ولديها قوانين ولوائح تنظم تواجدهم، وفي حالة مخالفة قوانين الإقامة يتم الإبعاد بواسطة المحكمة، أما الآن فقد أصبح الدخول عبر السودان بطرق غير شرعية، منها الاتجار بالبشر.
وذكر بأن السودان معبر لتسفير الأجانب، والسودان لديه اتفاقات دولية في محاربة الاتجار بالبشر، ولديه قانون مفعل في الاتجار بالبشر، تختص به نيابة التحقيقات الجنائية. والتسول يدخل في ذات القانون وممنوع ولديه شرطة خاصة لمنع التسول .
عصابات منظمة
وقال الفاضل إن المتسولين الأجانب في الغالب هم عصابات منظمة تأتي من دول الجوار من غرب أفريقيا فلابد من وضع عقوبات رادعة و إبعادهم من السودان والغرامة، وفي حالة العودة مرة أخرى، يجب فرض السجن المشدد عليهم.

>>>>>>
وزارة التنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم، قالت في وقت سابق إن قضايا التسول والتشرد من القضايا الاجتماعية، التي تشكل هاجساً كبيراً، مبينًا أن الولاية، بدأت في استخدام منهجية مختلفة تتمثل في تشخيص الظاهرة ووضع العلاج للحد منها ومكافحتها. وأكدت أهمية النظر إلى المشرد كإضافة لا كعالة أو خصم على المجتمع بداية بتهيئة البيئة الملائمة للعلاج
وتجهيز الوحدة العلاجية والنفسية لدراسة الحالة ومتابعة العلاج وتقارير تعديل السلوك وعمل التقويم والتقييم.

وأكد مصدر شرطي بإدارة الأجانب ل (اليوم التالي) أن التسول من الظواهر السالبة بسبب الإدمان والتسول والتشرد، مشيراً إلى أنها جرائم منظمة، وأن أغلب المتسولين أجانب، مما يتطلب وضع الدراسات العلمية للحد من تنامي الظاهرة وانتشارها، بالإضافة إلى وجود كثيرين منهم مختلين عقلياً ومعتوهين. وأوضح أن القوانين موجودة لكن بسبب نقص الآليات وأماكن الإيواء يصعب تطبيقها.

فايزة اباهولو
صحيفة اليوم التالي