الذهب بنهر النيل .. كارثة الموت بالمال
دق مسؤولون، ناقوس الخطر بولاية نهر النيل، بسبب مخاطر تهدد سلامة صحة الإنسان والحيوان والزرع، وتزايد حالات الإجهاض وسط الشابات حديثي الزواج، واكتشاف (١٥) حالة تشوه لأطفال، ونفوق أعداد كبيرة من الطيور.
وانطلقت بولاية نهر النيل، حملة إزالة خلاطات وغسالات الذهب للكرتة، وتعهدت الجهات المختصة كافة، بالإزالة وجعلها صفراً، ومطالبات بقانون رادع وتشديد العقوبات.
أرقام ومسؤولين
السلطات المختصة بالولاية، أعلنت عن محاكمة مخالفة الخلاطات بطريقة إيجازية سريعة جداً، لا تستغرق أكثر من ساعة، وتصل الغرامة لنحو مليوني جنيه، وخلص اجتماع ضم جهات وزير المعادن والشركة السودانية للموارد المعدنية، ووالي ولاية نهر النيل، ثم اللجنة الأمنية بالولاية، بغرض التنسيق والتعاون لسد الثغرات بين الأجهزة المختصة كافة، من أجل المصلحة العامة، وذكر بعض المسؤولين، أن إحصائيات الخلاطات والغسالات كانت في حدود (٣) آلاف خلاط وغسالة، وحالياً تضاعفت، وتم ضبط أكثر من (٢٥٠٠) حالة.
أوامر محلية
وجه وزير المعادن، محمد بشير أبو نمو، بالتعامل المباشر مع ظاهرة الخلاطات، “بدون مجاملات”، بمصادرة وإيقاف عملها وتصنيعها وصهر الموجودة، وأن يكون التعامل مع الخلاطات في أي موقع من حق الوالي، وذلك بموجب أوامر مؤقتة بشكل رسمي، وأن هذه الأوامر تسمح بإزالتها ومصادرتها وصهرها للصالح العام.
وأعلن أبو نمو، عن توفر معلومات بامتلاك جهات رسمية حوالي (٥٠) خلاطاً، موجهاً بإغلاق الورشة التي تعمل في تصنيع الخلاطات، وقال إن حكومة ولاية نهر النيل، حول إطلاق حملة إزالة خلاطات وغسالات الذهب بولاية نهر النيل، إن القضية مهمة وخطيرة، تتمثل في أثر بيئي يضر الإنسان والحيوان والزرع.
وأقر أبو نمو، بوجود ثغرات وتعقيدات وتعثر هذا العمل، موضحاً أن الغرض من زيارة الولاية بغرض إحكام التنسيق والتعاون، حتى نصل لمرحلة “زيرو خلاط”، وأضاف: “رصدت مبلغ مقدرة لتنفيذ الحملة مسبقاً، إلا أن النتائج جاءت غير مبشرة، بسبب التعقيدات”.
لافتاً إلى مواصلة عمل لجنة إزالة الخلاطات والغسالات، وزاد “عايزين نضع مثال لبقية الولايات لوصول لـ”زيرو خلاط.”
خطوط حمراء
وحذر والي ولاية نهر النيل المكلف، محمد البدوي أبوقرون، من تحول نعمة الذهب إلى نقمة بالولاية، والمساس بصحة الإنسان، وأعلن الاستعداد للتخلص من خلاطات وغسالات الذهب عبر الجهات المختصة، وقال إن الإنسان أهم من المال، وزاد: “أي زول عندو خلاط حنشيلوا”
وكشف أبوقرون، عن تزايد حالات الإجهاض وسط الشابات حديثي الزواج، واصفاً الأمر بالخطير، وأرجع ذلك للانتشار استخدام المواد السامة، مما نتج عنه ظهور أمراض غريبة، وتخوف أبوقرون، من حدوث تشوهات في الأجيال القادمة، موجهاً الجهات الرسمية بإجراء فحوصات متخصصة، مشدداً على حسم ظاهرة الخلاطات عن طريق المصادرة والعقوبة الفورية، وتعهد بإنجاز عمل واضح في هذه المشكلة.
بدون استثناء
وقال مدير عام شركة الموارد المعدنية، مبارك اردول، إن الزيارة جاءت لولاية نهر النيل بعد فترة، وأن الحملة تأتي برئاسة الوزير تجد كل الدعم وإسناد الحملة، ويجب على الأجهزة الحكومية التعاون، وزاد: “لا توجد استثناءات إطلاقاً” في إزالة المخالفات الخلاطات.
معلنا عن حصر أكثر من (٣) آلاف خلاطة وغسالة، تستخدم مواد سامة، يجري العمل لإزالتها، وقال إن التعامل مع هذه المواد الخطرة كأنها “سجائر تمباك”، مبيناً أن المسؤولية ليست تحصيل إيرادات، إنما الحفاظ على الإنسان، وأضاف: “يجب التبليغ عن أي نشاط ويتم مصادرته دون استثناءات”، وشدد على ضرورة تطبيق القانون، وذكر الشركة ليست ضد استنفاع المواطنين من الموارد البلاد، ولكن بالطرق الصحيحة، موجها بضبط الخام القادم من الولايات الأخرى، وأن تكون محاكمات سريعة كعظة وعبرة للآخرين، إضافة إلى التوعية الإعلامية حول خطورة الامر، لافتاً إلى أن الشركة لا تستطيع إنجاز هذه المهمة لوحدها، مما يتطلب إحكام التنسيق.
جرائم مكتملة
وطالب مدير شرطة الولاية، اللواء سراج منصور، بتخصيص نصيب (شهري) حتى لا نكون “عالة” على الولاية، لمقابلة تكاليف الحملات التي تنفذها الشرطة لضبط مخالفات التعدين، وقال إن الحملات ذات تكلفة عالية جداً أنهكت ميزانية الولاية، داعياً لإكمال مشروع تشييد ثلاثة أقسام شرطة بمواصفات عالمية، بمناطق قبقبة، دار مالي، العبيدية، لحفظ الأمن وأموال الشركة، مبيناً أن كل أنماط الجريمة متوفرة جداً بالمناطق التعدين، لافتاً إلى تلقي بلاغين حول جريمتي قتل، في شرق أبو أحمد والياسمين، وذكر لابد من وقوف الوزارة لتحديد نصيب معين، بالتنسيق مع اللجنة الأمنية بالولاية.
ضبط وتنظيم التعدين
وتطرق مدير عام شركة سودامين، سليمان أحمد حامد، موقف الشركة مؤخراً، وقال إنها ظلت متوقفة منذ ٢٠١٩م حتى مارس ٢٠٢١م ، وحالياً تم صيانتها وبدأت الأعمال الرسمية بتشغيل الشركة بطاقتها القصوى لمعالجة (500) طن يومياً من مخلفات التعدين، وأضاف: “خلال الاسبوع الماضي أصدر وزير المعادن قرارات لضبط وتنظيم التعدين، وشمل القرار رقم “5” القاضي بحصرية استيراد مدخلات الإنتاج للشركة، وتم اعتماد في المرحلة الأولى كربون الصوديم والزئبق، منوهاً إلى تكوين لجنة من الجمارك، وأمن واقتصاديات المعادن والنيابة، وزارة المعادن، لإدارة مدخلات الإنتاج، وتنظيم ضبط العمل من المواد السامة، كذلك صدر قرار ضبط تداول مدخلات الإنتاج، مؤكداً التزام الشركة بالعمل بولاية نهر النيل بمعالجة المخلفات مع الاحتفاظ بحقوق الولاية، وأفاد ” سنقف سداً منيعاً”، وعدم تأثر إنسان الولاية بالأمراض الخطيرة.
بلاغات مفتوحة
وأشار مدير شركة الموارد المعدنية بنهر النيل، أسامة الماحي، إلى متابعة لإجراءات (١٩) بلاغاً، وتمت (٤) محاكمات، داعياً للإسراع في أكمال البلاغات، ومصادرة الخلاطات وإزالتها كضرورة قصوى وإيقاف تصنعها.
وأعاب أسامة، مسألة عدم التنسيق بين المركز والولاية، وشدد على ضرورة المتابعة والرقابة، لاسواق التعدين التقليدي، بالوقوف على كيفية الأدوات المتبعة في التعدين التقليدي، التأكد من المسافات بين المساكن والأدوية، ويظل المحك في تنظيمها.
وأكد أسامة، استمرار الحملة بالتعاون مع جميع الأجهزة الأمنية، ومحاربة مصدر الكرتة، لأنه هو الحل لهذه المشكلة، مبيناً أن حجم الكرتة لا يتجاوز (5%) من إنتاج الذهب بالولاية، وأن معظم الكرتة تأتي من ولاية البحر الأحمر، وتابع مهما نفذنا من حملات، إلا أن الحل هو قفل حدود الولاية مع البحر الأحمر، مشيراً إلى أن أكبر المشاكل التي تواجه الشركة أمر تنظيم الأسواق.
نهر النيل: ابتهاج متوكل
صحيفة السوداني