منى ابوزيد

منى أبوزيد تكتب : جواري بالوراثة.. أباطرة بالإجماع..!

“لا أعرف من اخترع الكعب العالي، لكن النساء مدينات له بالكثير”.. مارلين مونرو..!

مي زيادة قالت يوماً، وهي تخاطب سيد عصرها: “أيها الرجل لقد أذللتني فكنتَ ذليلاً، حررني لتكن حراً”!.. وبنت الشاطئ أوغلت بعيداً فاتهمت المؤرخين منذ فجر التدوين بارتكاب جرائم الوأد الثقافي في حق أدب المرأة خلال العصور الماضية، ونددت بمظاهر الوأد العاطفي والاجتماعي الذي مورس على المرأة فأدى إلى فحولة التاريخ وتذكير اللغة.. وكل هذا نبيل ومقدر، لولا ذلك السؤال الذي يطرح نفسه ملحاً: أين كانت المرأة – يا ترى – حينما كان الرجل يفعل ذلك..؟!

سأجيبك من الآخر – وعوضي على الله – كانت مشغولة بمهام وظيفتها الأزلية: الوقوع في الفخاخ التي ينصبها لها الرجل عن طيب خاطر!، وممارسة استغراقها التاريخي في التزين لأجله.. هذا هو ما تقوله – بالضبط – معظم الأضابير التي ناقشت خضوع النساء المطلق لمقاييس الجمال التي فرضتها عليهن أهواء الفحولة عبر العصور..!

كانت المرأة العربية – التي تحاكي اليوم فزاعات الطيور كي تحظى بإعجاب الرجل – تستميت كي يزداد وزنها، لأن الرجل العربي كانت تعجبه المرأة السمينة.. وكانت المرأة البورمية – وما تزال – تحارب نواميس الطبيعة من أجل امتلاك رقبة زرافة، تلف عنقها بالجنازير والسلاسل، وتقاوم آلام فقرات العنق، وكلما كان العنق طويلاً جداً ومشوهاً جداً كلما أعجب سيدها أكثر..!

بينما كانت أختها الصينية تخنق قدميها منذ ولادتها وحتى مماتها بالأربطة الغليظة حتى يختلط اللحم بالعظم، وتفوح روائح القروح، وكله في سبيل الحصول على أقدام معوقة، ومشية متعثرة تؤهلها لحمل لقب ذات “الزنابق الذهبية” الذي ينعم به عليها خطيب المستقبل.. وكانت بعض الإفريقيات يثقبن شفاههن ويجتهدن في توسيع تلك الثقوب، وكلما اتسعت الشقوق وتهدلت الشفاه، كلما ازدادت فرص الحصول على عريس لقطة..!

أما حفيدات هؤلاء وأولئك، من المعاصرات المتصديات لمحاربة استبداد الرجل والتنديد بمظالمه التاريخية فأكبر أخطائهن المنهجية هي الثورة على واقع ما عاد موجوداً، فلا يجدد ذلك المنهج شبابه، ولا يطور أدواته، بل يطيب له الوقوف في محطات التظلم والهتافية وتكرار مطالبات التحرر من رجل الأمس الذي مات وشبع موتاً، ثم حل مكانه آخر عصري له مظالمه التي تستوجب التنديد أي نعم، ولكن ليس على طريقة أفلام الأبيض وأسود، بل بمفاهيم وأدوات ولغة عصر التلفزيون التفاعلي..!

أما أخطر مشكلاتهن الوراثية فهي أن معظمهن يهزمن أنفسهن بأنفسهن، بمجاراتهن لمؤامرات “التشييء” و”التسليع” التي يتهمن الرجال دوماً بالوقوف خلفها، فيدخلن إلى ساحات المعارك الجندرية بأظافر مطلية.. ووجوه مصبوغة.. وأجساد مذعنة تماماً لمقاييس الجمال التي يفرضها الرجل..!

صحيفة الصيحة