رأي ومقالات

التعامل باليوان الصيني يمكن أن يشكل حلاً لمشكلة تهاوي قيمة العملة السودانية

كيف يمكننا إيقاف تراجع العملة الوطنية؟
منذ فبراير 2021 عندما قام بنك السودان المركزي بتعديل القيمة الرسمية للجنيه السوداني من 55 جنيه مقابل الدولار الأمريكي إلى 380 جنيه مقابل الدولار تشهد قيمة العملة السودانية أمام العملات القابلة للتحويل تراجعاً مستمراً، فقد قفز الدولار الى 384 جنيهاً بنهاية مارس 2021 ثم الى 461 جنيها بنهاية يونيو 2021 وهو يلامس الآن في فبراير 2022 قيمة 530 جنيهاً في انفلات حقيقي لا بد من العمل على إيقافه.
إن وسائل الضبط الإداري مثل الحملات الأمنية على تجار العملة في الأسواق لا تؤدي لنتائج ثابتة ومستمرة، فأثرها محدود وغير مستمر، ذلك لأن الانخفاض المستمر في قيمة العملة سببه هيكلي وهو ضعف احتياطيات بنك السودان التي تمكنه من التدخل لحفظ قيمة العملة الوطنية. وضعف الاحتياطيات سببه الأول ضعف الصادرات السودانية للخارج، وضعف الصادرات سببه قلة الانتاج أو عدم ملائمته للأسواق العالمية أو الاثنين معاً.
على هذا فإن القضية واضحة وهي كيف نزيد الانتاج، خصوصا الانتاج من اجل الصادر؟ وما هي السياسات المطلوبة لحفز هذا الصادر؟ طبعاً لن نأتي بجديد في هذا المجال لأن تجارب الدول من حولنا التي زادت من صادراتها وانتاجها واضحة ومتاحة.
علينا التركيز على منتجات محددة نملك فيها مزايا نسبية وتنافسية. وأن نحفز المصدرين للعمل في مجال الصادر من خلال سياسات واضحة مدعومة بإرادة سياسية قوية.
نرى أن يصدر مجلس الوزراء قرارات ملزمة بإعفاء سلع الصادر من كل الرسوم والجبايات، وأن تكلف وزارة الداخلية بحماية سلع الصادر من مكان الانتاج وحتى موانئ الصادر، وأن توجه البنوك لتمويل عمليات الصادر، مباشرة أو عبر محافظ وصناديق، بدون تردد وبأسقف تمويل عالية جداً، وأن يمنع الأجانب من العمل في الصادر كتجار مع السماح لهم بالعمل فيه كمنتجين.
وعلى وزارة التجارة فصل سجل المصدرين عن سجل المستوردين. على أن يسجل في سجل المصدرين الشركات الكبرى التي تملك انتاجاً حقيقياً من سلع الصادر. وعلى بنك السودان تفعيل الاتفاق مع دولة الصين بشأن استخدام اليوان الصيني كعملة تبادل بين القطرين.
تعتبر الصين الشريك التجاري الأول للسودان، فخلال العام 2020 بلغت صادرات السودان للصين مبلغ 752.3 مليون دولار تمثل 19.8% من صادرات السودان، يضاف لها صادر الذهب للإمارات، الذي يستقر أخيراً في الصين كما هو معلوم، وذلك بقيمة 1637.5 مليون دولار تمثل 43% من صادرات السودان لتبلغ صادرات السودان الحقيقية للصين أكثر من 2.4 مليار دولار تعادل أكثر من 62% من صادراته الكلية.
فيما بلغت واردات السودان من الصين خلال العام 2020 مبلغ 2317.4 مليون دولار تمثل 23.6% من جملة الواردات، وإذا أضفنا لها واردات السودان من دولة الامارات العربية، وهي عبارة عن سلع صينية تصل للسودان عبر المنطقة الحرة بجبل علي، وقد بلغت جملتها خلال العام 2020 مبلغ 1061.6 مليون دولار تمثل 10.8% من جملة الواردات، عليه فإن واردات السودان الحقيقية من الصين هي مبلغ يتجاوز 3.4 مليار دولار تمثل حوالي 34% من جملة الواردات.
إن دولة يصدر لها السودان 62% من جملة صادراته، ويستورد منها 34% من جملة وارداته، من المنطقي والطبيعي أن يعمل على استخدام عملتها في هذا التبادل التجاري الضخم معها، علماً بأن الصين يمكنها أن تستوعب كل الصادرات السودانية من مختلف المواد والسلع بالنظر لسوقها الاستهلاكي الضخم. ووفقاً لهذا يمكن أن يشكل التعامل باليوان الصيني حلاً لمشكلة تهاوي قيمة العملة الوطنية. والله الموفق.

د/ عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
# نشر بصحيفة اليوم التالي