الاستثمار بالبلاد .. سعر الصرف والسياسات موانع وعقبات
مرت سنوات من عمر حكومة ما بعد ثورة ديسمبر التي تزيد عن أكثر من 3 أعوام وكانت التوقعات بتدفق الاستثمارات الأجنبية في البلاد، إلا أن الفترة الماضية لم تشهد هدوءاً أو استقراراً سياسياً، ربما حال ذلك دون جذب استثمارات جديدة، ومؤخراً برز ضعف التدفقات الاستثمارية بشكل لافت مع غياب الأرقام والإحصائيات المتعلقة بحجم الاستثمارات الأجنبية وعددها وتصنيفها لا سيما بعد التغيير الذي شهدته البلاد ما بعد إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي وما تبعه من خروج وتوقف عدة أنشطة استثمارية اقتصادية خدمية، وبشكل عام تعتبر الصين الشعبية والمملكة العربية السعودية من ضمن أكبر البلدان استثماراً في السودان.
وبحسب مؤشرات اقتصادية فإن السودان يفتقر لمصادر الطاقة والتمويل لإدارة أدنى الاستثمارات فيه، بجانب أن الفرص لم تعد واعدة لاجتذاب الصناعات التحويلية بمختلف مجالاتها على المدى القصير، كما أن بعض الاستثمارات العاملة تعاني من مشكلة ارتفاع تكلفة التشغيل وفاتورة الطاقة على القطاعات الصناعية والتجارية والزراعية، حيث تتأثر سلباً بتكلفة الإنتاج مما يفقدها المنافسة في الأسواق الإقليمية عند التصدير، كما أن منتجات هذه الاستثمارات تعاني الركود داخلياً بسبب التضخم وتآكل قيمة الأموال فبات دخل المواطن لا يكفي إلا لسداد رمقه والضروريات من الحياة، وهو ما أدى إلى خروج رأس المال الموجود من البلاد والاتجاه لأسواق قريبة من حيث الأفضلية.
أُسُّ المشكل
ولتسليط الضوء على واقع الاستثمارات الأجنبية بالسودان، كان غياب وزارة مثل وزارة الاستثمار خاصة بعد ثورة ديسمبر والاكتفاء بجهاز قومي كإدارة تتبع لوزارة المالية، لعله أس المشكل الذي يعاني منه السودان نتيجة للتغيير السياسي الذي حدث في البلاد، وما زاد المشهد قتامة هو تذبذب السياسات الحكومية التي تتعلق بإدارة الاقتصاد في قطاعي الصادر والوارد، علاوة على الارتفاع المضطرد في معدل التضخم وتهاوي قيمة العملة الوطنية مؤخراً.
أرقام ونسب
المحلل الاقتصادي الدكتور محمد الناير أكد تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالسودان بنسبة 55%، وأوضح أن تنفيذ المشروعات الاستثمارية المصدقة لم يتجاوز 26%، مقابل 9% فقط من المشاريع المحلية، وحذر من هروب ما تبقى من استثمارات أجنبية بسبب ارتفاع سعر الصرف وزيادة التضخم خشية من تآكل رأس المال، وقال في تصريح له إن الاستثمارات الأجنبية المباشرة بالسودان في 2006 كانت 3.5 مليار دولار تتناقص تدريجياً حتى وصلت العام الماضي الى 1.3 مليار دولار، وأرجع سبب تناقص الاستثمار الأجنبي المباشر لعدم التزام الحكومة بتحويل الأرباح بالنقد الأجنبي وكثرة التعديلات على قوانين الاستثمار وعدم الالتزام بتطبيقها وعدم استقرار سعر الصرف وارتفاع التضخم، موضحاً أن السودان قادر على استقطاب 50 مليار دولار سنوياً تمثل فاتورة استيراد الغذاء للدول العربية، وأكد أن تنفيذ المشروعات الصناعية الأجنبية لم يتجاوز 37% من جملة المشاريع المصدقة، والخدمية 18%، والزراعية 21%، موضحاً انطباق الأمر على المشروعات المحلية بتنفيذ 4% فقط من المصدقة للقطاع الصناعي، و 12% للخدمي، و33% للزراعي، المشروعات المحلية بتنفيذ 4% فقط من المصدقة للقطاع الصناعي، و12% للخدمي، و33% للزراعي.
جملة شروط
يقول المحلل الاقتصادي محمد النيل في تصريح لـ(اليوم التالي) إن الاسثتمارات الأجنبية لا تخاطر برؤوس أموالها في وضع مضطرب وغير واضحة معالمه، موضحاً أن أي اختلال في السياسات يبعث المخاوف في هذه الاستثمارات مما يجعلها تفكر في سحب أنشطتها لمواقع أخرى أكثر أمناً وبها فرص النمو المضمون التي تحقق لهم مصالحهم، ورهن نمو القطاعات الاقتصادية بتوفر جملة من الشروط متمثلة في الاستقرار السياسي والأمني بالإضافة إلى استقرار سعر الصرف وثبات السياسات الاقتصادية، وهو ما لا يتوفر في ظل الاضطرابات الماثلة في البلاد.
الخرطوم: علي وقيع الله
صحيفة اليوم التالي